في الأرض تائهون، فاستجاب الله لموسى دعاءه، وأمره أن يهبط بمن معه من قومه قرارًا من الأرض التي تُنْبتُ لهم ما سأل لهم من ذلك، إذ كان الذي سألوه لا تُنبته إلا القُرى والأمصار، وأنه قد أعطاهم ذلك إذْ صارُوا إليه. وجائز أن يكون ذلك القرار "مصرَ" وجائز أن يكون "الشأم").
والجمهور على قراءتها بالتنوين "اهبطوا مصرًا" فقد وردت هكذا في المصاحف. قال ابن كثير: (هكذا هو منوّن مصروف، مكتوب بالألف في المصاحف الأئمة العثمانية، وهو قراءة الجمهور بالصرف).
وقوله: ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ﴾.
الضرب هنا الإلزام، والعرب تقول: ضرب الحاكم على اليد: أي حمل وألزم. والذِّلة: الذّل والصغار. والمسكنة: الفقر. والمعنى: وُضعت عليهم الذلة والمسكنة وألزموا بها قدرًا وشَرْعًا، فلا يزالون مستذلين، من وجدهم استذلهم وأهانهم، وهم في أنفسهم كذلك أذلاء مستكينون. فإلى أقوال المفسرين:
١ - قال قتادة والحسن: (" ﴿وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ﴾، قالا: يُعطون الجزية عن يدٍ وهم صاغرون).
٢ - وقال أبو العالية: ("والمسكنة": الفاقة). وقال السدي فيها: (الفقر). وقال عطية: (الخراج).
٧ - وقال ابن زيد: (هؤلاء يهود بني إسرائيل).
قال ابن جرير: (فأخبرهم الله جل ثناؤه أنه يُبْدلهم بالعز ذُلًا، وبالنعمة بؤسًا، وبالرِّضا عنهم غضبًا، جزاءً منه لهم على كُفرهم بآياته، وقتلهم أنبياءَه ورسلَه، اعتداءً وظلمًا منهم بغير حق، وعصيانهم له، وخلافًا عليه).
٤ - وقال الحسن: (أذلهم الله فلا منعة لهم، وجعلهم الله تحت أقدام المسلمين، ولقد أدركتهم هذه الأمة وإن المجوس لتجبيهم الجزية).
وقوله: ﴿وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ﴾.
أي: رجعوا وانصرفوا وقد استوجبوا سخطًا. قال الربيع: (فحدث عليهم غضب من الله). وقال الضحاك: (استحقوا الغضب من الله).


الصفحة التالية
Icon