التأويل الثاني: بجد. قال قتادة: (القوة: الجد، وإلا قذفته عليكم. قال: فأقروا بذلك: أنهم يأخذون ما أوتوا بقوة).
وقال السدي: (﴿بِقُوَّةٍ﴾، يعني: بجدّ واجتهاد).
التأويل الثالث: بعمل. قال مجاهد: (﴿خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ﴾. قال: تعملوا بما فيه). وقال أيضًا: (بقوة: بعمل بما فيه).
التأويل الرابع: بصدق وحق. قال ابن زيد: (خذوا الكتاب الذي جاء به موسى بصدق وحق).
قلت: ولا شك أن القوة تشمل العمل بالطاعة بجد وعزيمة وصدق وحق.
وقوله: ﴿وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ﴾.
قال الربيع: (يقول: اقرؤوا ما في التوراة واعملوا به). قال: (أُمروا بما في التوراة).
وقال ابن زيد: (اعملوا بما فيه بطاعة لله وصدق، وقال: اذكروا ما فيه، لا تنسوه ولا تُغفلوه).
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَتَّقُون﴾.
قال ابن عباس: (تنزِعون عما أنتم عليه).
قال ابن جرير: (يعني: واذكروا ما فيما آتيناكم من كتابنا من وعد ووعيد شديد، وترغيب وترهيب، فاتلوه، واعتبروا به، وتدبّروه إذا فعلتم ذلك، كي تتقوا وتخافوا عقابي، بإصراركم على ضلالكم، فتنتهوا إلى طاعتي، وتنزعوا عما أنتم عليه من معصيتي).
وقوله: ﴿ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ مِنْ بَعْدِ ذَلِكَ﴾.
أي: أعرضتم. ومثل هذا التولي مذموم في القرآن:
قال سبحانه: ﴿فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ﴾ [التوبة: ٧٦].
وقال سبحانه: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا لَقِيتُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا زَحْفًا فَلَا تُوَلُّوهُمُ الْأَدْبَارَ﴾ [الأنفال: ١٥].
وفي لغة العرب: "ولّى فلان فلانًا دبره" إذا استدبر عنه وخلّفه خلف ظهره.