٣ - قال قتادة: (قال الله: ﴿فَجَعَلْنَاهَا نَكَالًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾ - من ذنوب القوم - ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾، أي: للحيتان التي أصابوا). وفي رواية: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾، من ذنوبها، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ من الحيتان). وقال مجاهد: (﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾، ما مضى من خطاياهم إلى أن هلكوا به).
وقال: (يقول: ﴿بَيْنَ يَدَيْهَا﴾ ما مضى من خطاياهم، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾ خطاياهم التي هلكوا بها).
٤ - وقال السدي: (أمّا ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا﴾ فما سلف من عملهم، ﴿وَمَا خَلْفَهَا﴾، فمن كان بعدهم من الأمم، أن يعصوا فيصنع الله بهم مثل ذلك).
٥ - وقال ابن عباس: (يعني الحيتان، جعلها نكالًا ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾، من الذنوب التي عملوا قبل الحيتان، وما عملوا بعد الحيتان. فذلك قوله: ﴿لِمَا بَيْنَ يَدَيْهَا وَمَا خَلْفَهَا﴾).
واختار ابن جرير في قوله "نكالًا" أنه عنى به العقوبة، والتأويل: (فجعلنا عقوبتنا لهم بالمسخ عقوبة لذنوبهم السالفة ولمن خلفهم ألا يعمل عملهم فيعاقب بمثل عقوبتهم).
واختار ابن كثير أن الضمير في جعلناها عائد على القوية، أي فجعل الله هذه القرية، والمراد أهلها بسبب اعتدائهم في سبتهم ﴿نَكَالًا﴾ أي: عاقبناهم عقوبة، فجعلناها عبرة، لما حولها من القرى.
وهذا كما قال تعالى في آية الأحقاف: ﴿وَلَقَدْ أَهْلَكْنَا مَا حَوْلَكُمْ مِنَ الْقُرَى وَصَرَّفْنَا الْآيَاتِ لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ﴾. وكما ذكر سبحانه في آية الرعد: ﴿وَلَا يَزَال الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِمَا صَنَعُوا قَارِعَةٌ أَوْ تَحُلُّ قَرِيبًا مِنْ دَارِهِمْ... ﴾. وكما قال في آية الأنبياء: ﴿أَفَلَا يَرَوْنَ أَنَّا نَأْتِي الْأَرْضَ نَنْقُصُهَا مِنْ أَطْرَافِهَا.. ﴾.
قلت: وكلا التأويلين منسجم مع السياق ما قبله وما بعده.
ثم قال تعالى: ﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾.
قال ابن عباس: (يقول: وتذكرة وعبرة للمتقين).
وقال: (يقول: للمؤمنين الذين يتقون الشرك ويعملون طاعتي). وقال: (﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾ إلى يوم القيامة). وقال قتادة: (﴿وَمَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ﴾، أي: بعدهم). وقال