وقوله: ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾. قال أبو العالية: (يعني: من الخطيئة).
وقال ابن عباس: ﴿فَوَيْلٌ لَهُمْ﴾، يقول: فالعذاب عليهم. قال يقول: من الذي كتبوا بأيديهم من ذلك الكذب"، يقول: مما يأكلون به من السِّفْلة وغيرهم ﴿وَوَيْلٌ لَهُمْ مِمَّا يَكْسِبُونَ﴾.
قلت: وفيه تحذير لهذه الأمة من سؤال اليهود أو اعتماد ما في كتابهم المحرّف وقد أبدل الله هذه الأمة بالقرآن وحفظ تفسيره وفهمه إلى يوم القيامة.
قال الزهري: (أخبرني عُبيد الله بن عبد الله، عن ابن عباس أنه قال: يا معشر المسلمين، كيف تسألون أهل الكتاب عن شيء، وكتابكم الذي أنزل على نبيه أحدثُ أخبار الله، تقرؤونه محضًا لم يُشَبْ؟ وقد حدَّثكم الله تعالى أن أهل الكتاب قد بدلوا كتاب الله وغيروه، وكتبوا بأيديهم الكتاب، وقالوا: هو من عند الله، ليشتروا به ثمنًا قليلًا، أفلا ينهاكم ما جاءكم من العلم عن مساءلتهم؟ ولا والله ما رأينا منهم أحدًا قط سألكم عن الذي أُنزل إليكم) (١).
٨٠ - ٨٢. قوله تعالى: ﴿وَقَالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدًا فَلَنْ يُخْلِفَ اللَّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللَّهِ مَا لَا تَعْلَمُونَ (٨٠) بَلَى مَنْ كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيئَتُهُ فَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨١) وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٨٢)﴾
في هذه الآياتِ: يخبر تعالى عن اليهود فيما ادعوه من النجاة من النار بعد أن تلاقي أجسامهم أيامًا معدودة لا تزيد عن أربعين يومًا، فطالبهم سبحانه بإخراج وثيقة الضمان وإلا فهم كاذبون. بلى من كان على الشرك والتكذيب بالنبوة ومات على ذلك فالنار موعده خالدًا فيها. وأما المؤمنون أهل العمل الصالح فهم أصحاب الخلود في الجنان.
فإلى تفصيل ذلك من أقوال أئمة التفسير:

(١) رواه البخاري من طرق عن الزهري. وانظر تفسير ابن كثير، سورة البقرة آية ٧٨ - ٧٩.


الصفحة التالية
Icon