فيذبح، ويقال: يا أهل الجَنَّة خلودٌ ولا موت، ويا أهل النار خلود ولا موت" (١).
٣٨ - قوله تعالى: ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَ بَنِي إِسْرَائِيلَ لَا تَعْبُدُونَ إِلَّا اللَّهَ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ وَقُولُوا لِلنَّاسِ حُسْنًا وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ ثُمَّ تَوَلَّيْتُمْ إِلَّا قَلِيلًا مِنْكُمْ وَأَنْتُمْ مُعْرِضُونَ (٨٣)﴾.
في هذه الآية: ذكر الميثاق الذي أخذه الله تعالى على بني إسرائيل أن لا يعبدوا غيره، وأن يحسنوا إلى الآباء والقرابة والأرحام واليتامى والمساكين ويتخيروا القول الحسن لسائر الناس، ويقيموا الصلاة ويؤتوا الزكاة، فما وفى منهم إلا قليل.
والميثاق مِفْعال من التوثّق وتأكيد القول بيمين ونحوه، والمعنى: واذكروا أيضًا يا معشر بني إسرائيل إذ أخذنا ميثاقكم أن تخلصوا العبادة لله وحده، ولا تشركوا به شيئًا. فهذا حق الله سبحانه عليكم وعلى جميع العباد كما قال جل ذكره في سورة الأنبياء: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾.
وكذلك في سورة النحل: ﴿وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولًا أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ.... ﴾.
ثم عطف على أعلى الحقوق وأعظمها - وهو حق الله تبارك وتعالى أن يعبد وحده لا شريك له - حق الوالدين وذوي القربى ثم اليتامى والمساكين، كما قال جل ذكره في سورة لقمان: ﴿اشْكُرْ لِي وَلِوَالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ﴾. وكذلك في سورة الإسراء: ﴿وَقَضَى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا﴾ إلى أن قال: ﴿وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ.... ﴾.
ويشمل حق الوالدين فعل المعروف لهما، والقول الجميل، وخفض جناح الذّلّ رحمةً بهما، والتحنُّن عليهما، والرأفة بهما، والدعاء بالخير لهما، ونحو ذلك مما هو فيه شريعة الرسل جميعهم صلوات الله وسلامه عليهم.
وفي الصحيحين عن ابن مسعود رضي الله عنه: [قلت: يا رسول الله، أي العمل

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في صحيحه -حديث رقم- (٦٥٤٤)، (٦٣٤٨) - كتاب الرقاق، وأخرجه مسلم (٢٨٤٩) - كتاب الجَنَّة ونعيمها. ح (٤٠)، ح (٤١)، ورواه أحمد.


الصفحة التالية
Icon