وقوله: ﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ﴾.
التفسير: وما طول العمر بمبعدِه من عذاب الله، ولا منحِّيه منه، فإنه لا بد للعمر من الفناء، وهذه الدنيا لا تدوم لأحد، ثم المصير إلى الله الواحد الأحد. وتفصيل ذلك:
١ - فعن ابن عباس: ﴿وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ أَنْ يُعَمَّرَ﴾، أي: ما هو بمنحِّيه من العذاب).
وقال أبو العالية: (يقول: وإن عُمِّر، فما ذاك بمُغيثه من العذاب ولا منجيه).
٢ - قال ابن عباس: ﴿يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ وَمَا هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذَابِ﴾، فهم الذين عادَوا جبريل عليه السلام).
٣ - وقال ابن زيد: (ويهود أحرصُ على الحياة من هؤلاء. وقد ودّ هؤلاء لو يعمَّر أحدهم ألف سنة، وليس ذلك بمزحزحه من العذاب، لو عُمِّر كما عمّر إبليس لم ينفعه ذلك، إذ كان كافرًا، ولم يزحزحه ذلك من العذاب).
وقوله: ﴿وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِمَا يَعْمَلُونَ﴾.
أي: خبير ذو إبصار بما يعمل عباده، لا يخفى عليه شيء من أعمالهم، وهو لها حافظ ذاكر حتى يوافيهم جزاءها يوم القيامة.
٩٧ - ٩٨. قوله تعالى: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ (٩٧) مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِلَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَال فَإِنَّ اللَّهَ عَدُوٌّ لِلْكَافِرِينَ (٩٨)﴾.
في هذه الآيات: إعلان يهود السافر عداءهم لجبريل عليه السلام صاحب الوحي الذي فيه حياة البِشر والسعادة في الدارين، وبراءة الله تعالى ممن عاداه وملائكته ورسله وجبريل وميكال.
قال ابن جرير: (أجمع أهل العلم بالتأويل جميعًا على أن هذه الآية نزلت جوابًا لليهود من بني إسرائيل، إذ زعموا أن جبريل عدُوٌّ لهم، وأن ميكائيل وليٌّ لهم).