يكون الذكر منه والأنثى؟ وأخبرنا بهذا النبي الأميّ في التوراة، ومن وليه من الملائكة؟. فقال النبي - ﷺ -: عليكم عهدُ إلله لئن أنا أنبأتكم لتتابعنِّي؟ فأعطوه ما شاء من عهد وميثاق. فقال: نشدتكم بالذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن إسرائيل: يعقوب، مَرِض مرضًا شديدًا، فطال سُقْمه منه، فنذر لله نذرًا لئن عافاه الله من سقمه ليُحَرِّمَنَّ أحبّ الطعام والشراب إليه، وكان أحبَّ الطعام إليه لحم الإبل، وأحبُّ الشراب إليه ألبانها. فقالوا: اللهمَّ نعم. فقال رسول الله - ﷺ -: اللهم أُشهدك عليهم. وأنشدكم بالله الذي لا إله إلا هو، الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن ماء الرجل أبيض غليظ، وأن ماء المرأة أصفر رقيق، فأيّهما علا كان له الولدُ والشَّبَهُ بإذن الله عز وجل، فإذا علا ماء الرجل ماءَ المرأة كان الولد ذكرًا بإذن الله، وإذا علا ماءُ المرأة ماءَ الرجل كان الولد أنثى بإذن الله عز وجل. قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهدْ، قال: وأنشدكم بالله الذي أنزل التوراة على موسى، هل تعلمون أن هذا النبيّ الأميّ تنام عيناه ولا ينام قلبه؟. قالوا: اللهم نعم. قال: اللهم اشهد. قالوا: أنت الآن، فحدِّثنا من وليُّكَ من الملائكة، فعندها نجامعك أو نفارقك. قال: فإن وليِّي جبريل، ولم يبعث الله نبيًّا قط إلا وهو وليّه. قالوا: فعندها نفارقُك، ولو كان وليّك سواه من الملائكة تابعناك وصدّقناك. قال: فما يمنعكم أن تصدقوه؟ قالوا: إنه عدونا. فأنزل الله عز وجل: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ مُصَدِّقًا لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ وَهُدًى وَبُشْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ﴾ إلى قوله: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ فعندها باؤوا بغضب على غضب] (١).
وفي رواية عن ابن جرير عن شهر بن حوشب مرسلًا: [قالوا: فأخبرنا عن الروح. قال: أنشدكم بالله وبأيامه عند بني إسرائيل، هل تعلمون أنه جبريل، وهو الذي يأتيني؟ قالوا: اللهم نعم، ولكنه عدو لنا، وهو ملك إنما يأتي بالشدَّة وسفك الدماء، فلولا ذلك اتبعناك. فأنزل الله تعالى فيهم: ﴿قُلْ مَنْ كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ﴾ إلى قوله: ﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾ (٢).
وله شاهد عند ابن جرير عن مجاهد قال: (قالت يهود: يا محمد ما ينزل جبريل إلا

(١) حديث حسن. انظر مسند أحمد (١/ ٢٧٣ - ٢٧٨)، وأخرجه الطيالسي (٢٧٣١) والبيهقي في "الدلائل" (٦/ ٢٦٦) ورجاله ثقات. فإن شهر بن حوشب صدوق يخطئ، وقد توبع من روايات ابن جرير. انظر تخريج أحاديث تفسير ابن كثير - عبد الرزاق مهدي. (ج ١/ ص ٢٩٧)، ويشهد له ما قبله.
(٢) أخرجه الطبري في "التفسير" -حديث رقم- (١٦٠٩)، وهذا مرسل، ولكنه ورد موصولًا.


الصفحة التالية
Icon