وقال مجاهد: (﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾: نثبت خطها ونبدل حكمها). وقال عطاء: (﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾: نؤخِّرُها ونُرْجئها). وقال عطية: (نؤخرها فلا ننسخها).
وقال أبو العالية: (أي نؤخرها عندنا). وقال الضحاك: (﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾: يعني الناسخ من المنسوخ).
ويروي ابن أبي حاتم بسنده إلى ابن عباس قال: خطبنا عمر - رضي الله عنه -، فقال: يقول الله عَزَّ وَجَلَّ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ أي: نؤخرها) ذكره ابن كثير.
٢ - وعلى القراءة الثانية: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾. قال قتادة: (كان الله عَزَّ وَجَلَّ: يُنسي نبيّه - ﷺ - ما يشاء، وينسخ ما يشاء). وقال الحسن: (إن نبيكم - ﷺ - أقرئ قرآنًا ثمَّ نَسِيه).
يروي ابن جرير بإسناده إلى القاسم بن ربيعة قال: سمعت سعد بن أبي وقاص يقرأ: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ قال: قلت له: فإن سعيد بن المسيِّب يقرأ: ﴿أَوْ نُنْسِهَا﴾ قال: فقال سعد: إن القرآن لم ينزل على المسيِّب ولا على آل المسيّب، قال الله جل ثناؤه: ﴿سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى﴾ [الأعلى: ٦]، ﴿وَاذْكُرْ رَبَّكَ إِذَا نَسِيتَ...﴾ [الكهف: ٢٤].
أخرج البخاري عن ابن عباس قال: قال عمر (أقرؤنا أُبيّ، وأقضانا عليّ، وإنا لندَعُ من قول أُبيّ، وذاك أن أبيًّا يقول: لا أدع شيئًا سمعته من رسول الله - ﷺ -، وقد قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا﴾ (١).
وفي رواية: (قال عمر: أبيٌّ أقرؤنا وإنا لنَدَعُ من لَحْنِ أُبَيٍّ، وأُبَيٌّ يقول: أَخذْتُهُ مِنْ في رسول الله - ﷺ - فلا أَتْرُكُهُ لِشيءٍ، قال الله تعالى: ﴿مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾) (٢).
وقوله: ﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾.
أي: في الحكم والمنفعة والرفق والتخفيف. وتفصيل ذلك:
١ - عن ابن عباس: (﴿نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا﴾، يقول: خير لكم في المنفعة، وأرفق بكم).
٢ - وقال قتادة فيها: (يقول: آية فيها تخفيف، فيها رحمة، فيها أمر، فيها نَهي).

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٤٨١) - كتاب التفسير.
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٥٠٠٥) - كتاب فضائل القرآن.


الصفحة التالية
Icon