وقوله: ﴿وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾ [البقرة: ١١٠].
فيه توجيه من الله سبحانه للمؤمنين للاشتغال بما ينفعهم ويعود عليهم بخير العاقبة في الدار الآخرة، حتى يأذن الله سبحانه لهم بالنصر والتمكين. فإن إقامة الصلاة وإيتاء الزكاة لمن أجَلِّ الأعمال أيام غربة الإِسلام. كما قال تعالى في سورة النساء: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ قِيلَ لَهُمْ كُفُّوا أَيْدِيَكُمْ وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ...﴾ [النساء: ٧٧].
وعن الربيع: (قوله: ﴿وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ﴾، يعني: تجدوا ثوابه عند الله). وفي بعض الآثار: (إن العبد إذا مات قال الناس ما خَلّف! وقالت الملائكة ما قدَّم! ؟ ).
وفي صحيح البخاري وسنن النسائي عن عبد الله قال: قال رسول الله - ﷺ -: [أيُّكم مال وارثه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منّا من أحد إلا ماله أحبُّ إليه من مال وارثه، قال رسول الله - ﷺ -: ليس منكم من أحد إلا مال وارثه أحب إليه من ماله. مالُك ما قدَّمت ومالُ وارثك ما أخّرت].
هذا لفظ النسائي، ولفظ البخاري: [قال عبد الله: قال النبي - ﷺ -: أيّكم مال وارثِه أحب إليه من ماله؟ قالوا: يا رسول الله، ما منّا أحدٌ إلا ماله أحبُّ إليه، قال: فإن ماله ما قدّم، ومال وارثه ما أخَّر] (١).
قال أبو العتاهية:
اسعَدْ بِمالِكَ في حياتك إنما | يبقى وراءك مصلحٌ أو مفسدُ |
وإذا تركت لمفسدٍ لم يبقه | وأخو الصلاح قليله يتزيّد |
وإن استطعت فكن لنفسك وارثًا | إن المورّث نفسه لمسدّد |
وَلَدَتْكَ إذْ وَلَدَتْكَ أمُّك باكيًا | والقومُ حَوْلَكَ يضحكون سرورًا |
فاعمل ليومٍ تكون فيه إذا بَكَوْا | في يوم موتك ضاحكًا مسرورًا |
فيه وعد ووعيد وأمر وزجر.