وقال الزمخشري: (وهذا أهدم شيء لمذهب المقلدين، وإن كل قول لا دليل عليه، فهو باطل غير ثابت).
ثمَّ قال سبحانه: ﴿بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلَّهِ﴾
أي: أخلص دينه لله تعالى. ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ أي: متبع فيه لرسول الله - ﷺ - ومنهاجه.
وقوله: ﴿فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾ يعني: القبول وتلقي العمل ورفعه. فإن للعمل المتقبل شرطين: الأوّل: أن يكون خالصًا لله وحده. والثاني: أن يكون موافقًا لمنهاج الشريعة.
ففي صحيح مسلم عن عائشة - رضي الله عنها -، عن النبي - ﷺ - قال: [من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد] (١). ورواه البخاري وأحمد عنها بلفظ: [من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد] (٢). وقوله "بلى" تكذيب وردّ لهم. أي ليس الأمر كما تقولون وتدّعون.
ومعنى ﴿أَسْلَمَ﴾: استسلم وخضع. وقيل: أخلص عمله. قال القرطبي: (وخصّ الوجه بالذكر لكونه أشرف ما يُرى من الإنسان، ولأنه موضع الحواس، وفيه يظهر العِزُّ والذُّل. والعرب تخبر بالوجه عن جملة الشيء، ويصح أن يكون الوجه في هذه الآية المقصد). وجملة ﴿وَهُوَ مُحْسِنٌ﴾ في محلّ نصب حال.
قال ابن جرير: (يعني بقوله جل ثناؤه: ﴿فَلَهُ أَجْرُهُ عِنْدَ رَبِّهِ﴾، فللمسلم وجْهَه لله محسنًا، جزاؤه وثوابه على إسلامه وطاعته ربه، عند الله في معاده).
وقوله: ﴿وَلَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ﴾.
يعني: على المسلمين وجوههم لله وهم محسنون، من عقاب وعذاب جهنم، بل هم آمنون بإخلاصهم وصواب توجههم إلى الله سبحانه. ﴿وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ﴾ على
(٢) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري (٢٦٩٧) ومسند أحمد (٦/ ٢٤٠). ورواه مسلم أيضًا في الباب السابق بهذا اللفظ. وانظر صحيح الجامع -حديث رقم- (٥٨٤٦).