٢ - قال السدي: (كل له مطيعون يوم القيامة).
٣ - قال عكرمة: (كل مقرٌّ له بالعبودية).
٤ - وقال الربيع: (كل له قائم يوم القيامة).
قال ابن جرير: (ولـ ﴿القنوت﴾ في كلام العرب معانٍ: أحدها: الطاعة، والآخر: القيام، والثالث: الكف عن الكلام والإمساك عنه). ثمَّ اختار أن المعنى في الآية هنا الطاعة والإقرار لله عَزَّ وَجَلَّ بالعبودية، بشهادة أجسامهم، بما فيها من آثار الصنعة والدلالة على وحدانية الله عَزَّ وَجَلَّ، وأن الله تعالى ذكره بارئها وخالقها.
وكذلك ذهب الحافظ ابن كثير حيث قال: (القنوت هو الطاعة والاستكانة إلى الله، وذلك شرعي وقَدَري، كما قال الله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ﴾) [الرعد: ١٥]).
وقوله: ﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾. أي: مبدعها.
وإنما هو "مُفْعِل" أي مُبْدع، فصرف إلى "فعيل" أي بديع. كما صرف المؤلم إلى الأليم، والمسمع إلى سميع. قال الربيع: (﴿بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ﴾، يقول: ابتدع خلقها، ولم يشركه في خلقها أحد). وقال السدي: (ابتدعها، فخلقها، ولم يُخْلق قبلها شيء فيتمثَّل به).
والمبدع هو المحدث ما لم يسبق إليه. ومنه سمي المبتدع في الدين مبتدعًا، وما أحدثه يسمى بدعة، كما في صحيح مسلم: [فإن كل محدثة بدعة] (١).
قال الحافظ ابن كثير في التفسير: (والبدعة على قسمين، تارة تكون بدعةً شرعية، كقوله: "فإن كلّ محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة" (٢). وتارة تكون بدعةً لغوية، كقول أمير المؤمنين عمر بن الخطّاب - رضي الله عنه - عن جَمْعه إياهم على صلاة التراويح واستمرارهم: نِعْمَت البدعة هذه).

(١) حديث صحيح. وهو بعض حديث أخرجه الإمام مسلم، وسيأتي بتمامه.
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن -حديث رقم- (٤٦) بسند صحيح، وسيأتي.


الصفحة التالية
Icon