القول السابع: عن السدي: (الكلمات التي ابتلى بهن إبراهيمَ ربُّه: ﴿رَبَّنَا تَقَبَّلْ مِنَّا إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (١٢٧) رَبَّنَا وَاجْعَلْنَا مُسْلِمَيْنِ لَكَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِنَا أُمَّةً مُسْلِمَةً لَكَ وَأَرِنَا مَنَاسِكَنَا وَتُبْ عَلَيْنَا إِنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (١٢٨) رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ...﴾).
قلت: وكل هذه الأقوال لا مانع من دلالتها على الكلمات التي ابتلى الله بها إبراهيم عليه الصلاة والسلام فقام بمقتضاها أحسن القيام حتى استحق ثناء الله عليه وعلو ذكره بين الملائكة والمؤمنين.
وقوله: ﴿فَأَتَمَّهُنَّ﴾.
قال ابن عباس: (أي فأدّاهن). وقال قتادة: (أي عمل بهنّ فأتمهن).
وقوله: ﴿قَال إِنِّي جَاعِلُكَ لِلنَّاسِ إِمَامًا﴾.
قال الربيع: (ليؤتم به ويقتدى به).
وقوله: ﴿قَال وَمِنْ ذُرِّيَّتِي﴾.
قال الربيع: (يقول: فاجعل من ذريتي من يُؤتم به، ويقتدى به).
يعني: فاجعل مثل الذي جعلتني به، من الإمامة للناس، يكون كذلك من ذريتي. قال ابن كثير: (سأل الله أن تكون الأئمة من بعده من ذريته، فأجيب إلى ذلك، وأُخبرَ أنَّه سيكون من ذريته ظالمون، وأنه لا ينالهم عهد الله، ولا يكونون أئمة فلا يُقتدى بهم).
قال تعالى في سورة العنكبوت: ﴿وَجَعَلْنَا فِي ذُرِّيَّتِهِ النُّبُوَّةَ وَالْكِتَابَ...﴾.
فاستجاب الله سبحانه له، فكل نبي أرسله أو كتاب أنزله بعد إبراهيم، ففي ذريته عليه وعلى الأنبياء صلوات الله وسلامه.
وقوله: ﴿قَال لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾.
يعني أن الظالم لا يكون إمامًا لأهل الخير.
قال ابن جرير: (لأن الإمامة إنما هي لأوليائه وأهل طاعته، دون أعدائه والكافرين به). فهو خبر من الله سبحانه عن أن الظالم لا يكون إمامًا يَقتدي به أهل الخير.
وأما العهد الذي حرمه الله على الظالمين ففيه أقوال:
القول الأوّل: (العهد) النبوة. يعني لا ينال النّبوةَ أهلُ الظلم والشرك.


الصفحة التالية
Icon