فعن السدي: (﴿قَال لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، يقول: عهدي، نبوّتي).
القول الثاني: ﴿العهد﴾ عهد الإمامة. يعني لا أجعل من كان من ذريتك ظالمًا، إمامًا لعبادي يُقتدى به.
فعن مجاهد: (قال الله: ﴿لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، قال: لا يكون إمامٌ ظالمًا).
وفي رواية: (قال: لا يكون إمامٌ ظالم يقتدى به) أو قال: (لا أجعل إمامًا ظالمًا يقتدى به). وفي رواية: (قال: لا يكون إمامًا ظالم). وقال عطاء: (فأبى أن يجعل من ذريته ظالمًا إمامًا). وقال ابن جُريج لعطاء: ما عهده؟ قال: (أمره).
القول الثالث: قيل بل المعنى: لا عهد عليك لظالم أن تطيعه في ظلمه.
فعن ابن عباس فيها قال: (يعني: لا عهدَ لظالم عليك في ظلمه، أن تطيعه فيه).
وقال: (ليس للظالمين عهدٌ، وإن عاهدتهُ فانقضه). وقال ابن عباس: (ليس لظالم عهدٌ).
القول الرابع: ﴿العهد﴾ في هذه الموضع: الأمان.
فتأويل الكلام حينئذ: لا ينال أماني أعدائي، وأهل الظلم لعبادي. أي: لا أؤمنهم من عذابي في الآخرة.
فعن قتادة: (﴿قَال لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، ذلكم عند الله يوم القيامة، لا ينال عَهده ظالم"، فأما في الدنيا، فقد نالوا عهد الله، فوارثوا به المسلمين وَغازَوْهم وناكحوهم به. فلما كان يوم القيامة قَصَرَ الله عهده وكرامته على أوليائه).
وقال أيضًا: (لا ينال عهد الله في الآخرة الظالمون، فأما في الدنيا فقد ناله الظالم، وأكل به وعاش). وعن إبراهيم نحوه وقال في آخره: (فأما في الدنيا فقد ناله الظالم فأمِن به، وَأكل وأبصر وعاش).
ولا شك أن الآية فيها إعلام من الله لإبراهيم: أن من ولده من يشرك به، ويجور عن قصد السبيل، ويظلم نفسه وعباده. كما قال مجاهد فيها: (إنه سيكون في ذريتك ظالمون).
القول الخامس: قيل بل ﴿العهد﴾ هنا دين الله.
فعن الربيع قال: (قال الله لإبراهيم: ﴿لَا يَنَال عَهْدِي الظَّالِمِينَ﴾، فقال: فعهد الله الذي عهد إلى عباده، دينُه. يقول: لا ينال دينُه الظالمين. ألا ترى أنَّه قال: {وَبَارَكْنَا


الصفحة التالية
Icon