وأما نصب ﴿الظَّالِمِينَ﴾ فلأن العهدَ هو الذي لا ينال الظالمين. وذُكر أنَّه في قراءة ابن مسعود: "لا ينال عهدي الظالمون" يعني: لا ينال الظالمون عهدَ الله. حكاه ابن جرير.
١٢٥. قوله تعالى: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ وَأَمْنًا وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلًّى وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ﴾.
في هذه الآية: إخباره تعالى عن جَعْله البيت للحج، يحج الناس إليه ويتخذون من مقام إبراهيم مصلى، وقد طهره إبراهيم وإسماعيل من ألوان الشرك بأمر الله.
فقوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً﴾.
أي: مرجِعًا للناس ومعاذًا، يأتونه كلّ عام ويرجعون إليه، فلا يقضون منه وطرًا.
وحول هذا المعنى مدار أقوال المفسرين. وتفصيل ذلك:
١ - قال مجاهد: (﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾، قال: لا يقضون منه وَطَرًا).
وقال: (يثوبون إليه، لا يقضون منه وطرًا).
٢ - قال ابن عباس: (لا يقضُون منه وَطرًا، يأتونه، ثمَّ يرجعون إلى أهليهم، ثمَّ يعودون إليه).
٣ - قال السدي: (أما المثابة، فهو الذي يثوبون إليه كل سنة، لا يدعه الإنسان إذا أتاه مرّةً أن يعود إليه).
٤ - قال أبو عمرو: حدثني عبدة بن أبي لبابة في قوله: ﴿وَإِذْ جَعَلْنَا الْبَيْتَ مَثَابَةً لِلنَّاسِ﴾، قال: (لا ينصرِف عنه منصرف وهو يرى أنَّه قد قضى منه وطرًا).
٥ - وقال سعيد بن جبير: (يَحُجُّون ويثوبون). وقال: (يحجّون ثمَّ يحجّون، ولا يقضون منه وطرًا).
٦ - وقال قتادة: (مجمعًا). وقال ابن زيد: (يثوبون إليه من البلدان كلِّها ويأتونه).
وقوله: ﴿وَأَمْنًا﴾.
يعني: مَعاذًا لمن استعاذ به. كما قال تعالى: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ


الصفحة التالية
Icon