المنهج السابقة فيستأنس بفهم العرب لجذور هذه الكلمة ولمفهوم البيان المراد.
فقوله تعالى في سورة النور: ﴿أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ﴾ فإن الإرْب والإربة في لغة العرب الحاجة، فيكون المعنى: غير أصحاب الحاجة إلى النساء والقدرةِ على ملامستهن. قال سعيد بن جبير: (هو المعتوه).
وقوله تعالى في سورة الأحقاف: ﴿فَلَمَّا رَأَوْهُ عَارِضًا مُسْتَقْبِلَ أَوْدِيَتِهِمْ قَالوا هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا﴾ قال أهل اللغة: (والعارض: السحاب يعترض في الأفق. وقوله ممطرنا: أي مُمطِرٌ لنا لأنه معرفة لا يجوز أن يكونَ صفة لعارضٍ وهو نكرة).
وقوله تعالى في سورة الأحزاب: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾ ما مفهوم كان هنا هل هي للماضي فلا يكون غفورًا رحيمًا الآن؟ !
قال أهل اللغة: (كان لها حالات مختلفة، منها:
أ- ناقصة: وتحتاج إلى خبر.
ب- تامة: بمعنى حدث ووقع ولا تحتاج إلى خبر، كقولكَ: أنا أعرِفه مُذ كان: أي مذ خُلق، وكقولكَ: ما شاء الله كان.
ج- وقد تقع زائدة للتأكيد كقولك: كان زيد منطلقًا ومعناه زيْدٌ منطلقٌ، قال اللهُ تعالى: ﴿وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا﴾.
وكذلك قوله تعالى في سورة الفتح: ﴿وَمَنْ أَوْفَى بِمَا عَاهَدَ عَلَيْهُ اللَّهَ فَسَيُؤْتِيهِ أَجْرًا عَظِيمًا﴾.
فقال سبحانه "عليهُ" بالضم وليس (عليهِ) بالكسر.
وقد سألت والدي عنها يومًا -وهو من أعمدة الاختصاص بالنحو والصرف في هذا الزمان- فقال لي: (الياء في "عليه" عند النحويين حاجز غير حصين، أي يحفظ حركة اللام، لتضم الهاء بعدها، نحو "كتابَهُ" فاعتبروا الياء غير موجودة. ثم إن لفظ "عليه" في الآية حين تصبح "عليهِ الله" لفظ رقيق، أما "عليهُ الله" ففيه تفخيم للفظ الجلالة، فهي عملية نغمية إيقاعية ترتيلية، وهي وإن كانَ لغة يجوز "عليهِ" بالكسر، لكن هنا جاءت للتفخيم وإظهار قوة العهد مع الله سبحانهُ فلا يجوز مخالفة قراءتها إلى اللغة).
وأما ترك هذا المنهج في التفسير واللجوء إلى شاذ اللغة من بين الأوجه الكثيرة، أو اللجوء إلى العقل وما يتصور من تصورات كبيرة أو صغيرة، أو التفسير بالفلسفة