غزوهم قافلين فنزلوا الشام فقربت إليها دابة لتوكبها فصرعتها فماتت] (١).
قلت: أما عند هيجان البحر واشتداد تلاطم أمواجه فإن ركوبه غير جائز.
أخرج الإمام أحمد بسند صحيح عن أبي عمران الجوني عن بعض أصحاب محمد مرفوعًا: [من بات فوق بيت ليس له إجّار - أي سور - فوقع فمات فبرئت منه الذمة، ومن ركب البحر عند ارتجاجه فمات فقد برئت منه الذمة] (٢).
وقوله: ﴿وَمَا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا﴾.
إن في المطر النازل من السماء آية عظيمة توجب تعظيم الله وحده المنعم المتفضل.
قال ابن جرير: (وإحياؤها عمارتها، وإخراج نباتها).
وفي التنزيل: ﴿وَآيَةٌ لَهُمُ الْأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبًّا فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ (٣٣) وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ (٣٤) لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلَا يَشْكُرُونَ (٣٥) سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لَا يَعْلَمُونَ﴾ [يس: ٣٣ - ٣٦].
وقوله: ﴿وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ﴾.
قال القاسمي: (من العقلاء وغيرهم).
وقال ابن جرير: (والدابة: اسم لكل ذي رُوح كان غير طائر بجناحيه، لدبيبه علي الأرض). وفي التنزيل: ﴿وَمَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا وَيَعْلَمُ مُسْتَقَرَّهَا وَمُسْتَوْدَعَهَا كُلٌّ فِي كِتَابٍ مُبِينٍ (٦)﴾ [هود: ٦].
وقوله: ﴿وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ﴾ يعني: هبوبها باختلاف مهابِّها.
قال ابن كثير: (أي: فتارة تأتي بالرحمة، وتارة تأتي بالعذاب، وتارة تأتي مبشِّرة بين يدي السحاب، وتارة تسوقه، وتارة تجمعه، وتارة تُفَرِّقُه، وتارة تُصَرِّفه، ثم تارة تأتي من الجنوب - وهي الشامية - وتارة تأتي من ناحية اليمن، وتارةً صَبَا وهي الشرقية التي تصدم وجه الكعبة، وتارة دَبُورًا، وهي غربية تنفذ من ناحية دُبُر الكعبة، والرياح كلها تسمى بحسب مرورها على الكعبة).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٤/ ٧٩)، وصححه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة (٨٢٨).