فعن أبي يوسف رحمه الله أنه قال لبشر المريسي الفقيه المعتزلي المبتدع: (العلم بالكلام هو الجهل، والجهل بالكلام هو العلم، وإذا صار الرجل رأسًا في الكلام قيل زنديق، أو رمي بالزندقة).
وكان أبو يوسف رحمه الله أيضًا يقول: (من طلب الدين بالكلام تزندق، ومن طلب المال بالكيمياء أفلس، ومن طلب غريب الحديث كذب).
وقد صح الخبر عن الإمام الشافعي رحمه الله أنه كان يقول: (حكمي في أهل الكلام أن يضربوا بالجريد والنعال، ويطاف بهم في القبائل والعشائر ويقال: هذا جزاء من ترك الكتاب والسنة وأقبل على الكلام).
وقال: (لقد اطلعت من أهل الكلام على شيء ما ظننت مسلمًا يقوله، ولأن يبتلى العبد بكل ما نهى اللهُ عنه -ما خلا الشرك بالله- خيرٌ له من أن يبتلى بالكلام). وقال:

كل العلوم سوى القرآن مشغلة إلا الحديث وإلا الفقه في الدين
العلم ما كان فيهِ قال حدثنا وما سوى ذاكَ وسواس الشياطين
وقال آخر:
أيها المغتدي ليطلب علمًا كل علم عبدٌ لعلم الرسول
تطلب الفرع كي تصحح أصلًا كيف أغفلت علم أصل الأصول
وقال آخر:
العلم قال الله قال رسوله قال الصحابة ليس بالتمويه
ما العلم نصبك للخلاف سفاهة بين الحديث وبين قول فقيه
وقال آخر:
وقدم أحاديث الرسول ونصّه على كل قول قد أتى بإزائه
فإن جاء رأي للحديث معارض فللرأي فاطرح واسترح من عنائه
فهل مع وجود البحر يكفي تيمم لمن ليس معذورًا لدى فقهائه
وهل يوقِدُ الناس المصابيح للضيا إذا ما أتى ردء الضّحا بضيائه
سلامي على أهل الحديث فإنهم مصابيح علم بل نجوم سمائه
ومن يكن الوحي المطهر عِلْمُهُ فلا ريب في توفيقه واهتدائه
* * *


الصفحة التالية
Icon