٣ - عن الربيع قال: (البؤس: الفاقة والفقر، والضراء: في النفس، من وجع أو مرض يصيبه في جسده).
والنصب في لفظ: ﴿وَالصَّابِرِينَ﴾ على المدح أو الاختصاه. والتقدير: وأمدح الصابرين أو أخصّ الصابرين بالثناء.
وقوله: ﴿وَحِينَ الْبَأْسِ﴾.
قال قتادة: (أي عند مواطن القتال). وقال الربيع: (عند لقاء العدو). فهم الصابرون في وقت البأس، وقت شدة القتال في الحرب.
وقوله: ﴿أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ﴾.
قال الحسن: (هذا كلام الإيمان، وحقيقته العمل، فإن لم يكن مع القول عملٌ فلا شيء).
فلما اتصفوا بهذه الصفات التي مدحها الله كانوا من الصادقين في إيمانهم، إذ حققوا ذلك بأقوالهم وأفعالهم، فاتقوا المحارم وفعلوا الطاعات فكانوا بصدق هم المتقين.
١٧٨ - ١٧٩. قوله تعالى: ﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصَاصُ فِي الْقَتْلَى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثَى بِالْأُنْثَى فَمَنْ عُفِيَ لَهُ مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ فَاتِّبَاعٌ بِالْمَعْرُوفِ وَأَدَاءٌ إِلَيْهِ بِإِحْسَانٍ ذَلِكَ تَخْفِيفٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَرَحْمَةٌ فَمَنِ اعْتَدَى بَعْدَ ذَلِكَ فَلَهُ عَذَابٌ أَلِيمٌ (١٧٨) وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ يَاأُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ (١٧٩)﴾.
في هذه الآياتِ: أَمْرُ الله تعالى عباده المؤمنين بوجوب القصاص في الدماء، فالحر بالحر، والعبد بالعبد، والأنثى بالأنثى، فإن حصل شيء من العفو فهو خير وإحسان، ومن اعتدى فله عذاب اليم. وإن في إقامة منهج القصاص حفظ حياة العباد، فاتقوا الله يا أولي الالباب.
ومعنى القصاص: الاتِّباع، فهو مأخوذ من قصِّ الأثر أي اتِّباعه، ومنه القاصّ: لأنه يتبع الآثار والأخبار. قال القرطبي: (فكأن القاتل سلك طريقًا من القتل فقُصَّ أثره فيها ومشي على سبيله في ذلك، ومنه: ﴿فَارْتَدَّا عَلَى آثَارِهِمَا قَصَصًا﴾ [الكهف: ٦٤] وقيل: