يوم القيامة من ريح المسك، وللصائم فرحتان يفرحهما: إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه] (١).
وكلها تفاسير يحتملها البيان الإلهي، وإن كان التفسير الرابع أشملها.
١٨٤. قوله تعالى: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (١٨٤)﴾.
في هذه الآية: الصيام أيام معدودات، فمن منعه المرض أو السفر فعدة من أيام أخر، ومن أطاقه بمشقة هرم أو عجز أو شيخوخة ففدية طعام مسكين، ولهم ترك الصيام ولا قضاء عليهم، فمن زاد في الإطعام فهو خير، كما أن الصيام خير من الإفطار والفدية التي كانت أول الإسلام.
وقوله: ﴿أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾.
يعني: أيام شهر رمضان.
قال ابن جرير: (وأما "المعدودات"، فهي التي تعدّ مبالغها وساعاتُ أوقاتها. ويعني بقوله: ﴿مَعْدُودَاتٍ﴾، محصيات).
وقوله: ﴿أَيَّامًا﴾، قيل: مفعول به ثان لـ: ﴿كُتِبَ﴾، قاله الفراء، وقيل: بل نُصب على الظرف، والتقدير: كتب عليكم الصيام في أيام. وقيل: بل نصب بفعل محذوف، والتقدير: كتب عليكم أن تصوموا أيامًا.
وقوله: ﴿فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
أما قوله: ﴿وَعَلَى الَّذِينَ يُطِيقُونَهُ﴾، أي: يستطيعونه بمشقة. فقد كان المريض والمسافر لا يصومان للمشقة بل يفطران ويقضيان. وأما الصحيح الذي يطيق الصيام

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٧٠٤)، طبعة دار السلام - الرياض. كتاب الصيام. باب فضل الصيام، ورواه البخاري وابن خزيمة وكثير من أهل السنن.


الصفحة التالية
Icon