وقوله: ﴿فِدْيَةٌ طَعَامُ مِسْكِينٍ﴾.
فيه أقوال متقاربة:
١ - الواجب من طعام المسكين لإفطار اليوم الواحد نصف صاع من قمح. ذكره الدارقطني عن ابن عباس.
٢ - الواجب لذلك مدّ قمح أو غيره من سائر الأقوات.
٣ - كان ذلك نصف صاع من قمح، أو صاعًا من تمر أو زبيب.
قال أبو حنيفة: (كفارة كل يوم صاع تمر أو نصف صاع برّ). ذكره القرطبي.
وروى الشافعي عن نافع: أنَّ ابن عمر سئل عن المرأة الحامل إذا خافت على ولدها؟
قال: [تُفطر وتطعم مكان كل يوم مسكينًا مدًّا من حنطة].
قلت: الراجح أنه يكفي مدّ قمح، والمدّ ربع صاع، وهو ما تحمله كفيّ الرجل المعتدل الخلقة، وبه قال مالك والشافعي. قال مالك: (مدُّ بمدّ النبي - ﷺ - عن كل يوم أفطره). ورُوي عن أبي هريرة قال: (من أدركه الكبر فلم يستطع أن يصوم فعليه لكل يوم مُدٌّ من قمح). وروي عن أنس بن مالك: (أنه ضَعُفَ عن الصوم عامًا فصنع جَفْنَةً من طعام ثم دعا بثلاثين مسكينًا فأشبعهم) ذكره والأثر الذي قبله القرطبي. والجفنة: كالقصعة، وعاء يوضع فيه الطعام.
وأما التمر والزبيب فعادة يضاعف ذلك باستقراء النصوص المختلفة في الأحوال الأخرى، فيكفي نصف صاع، والله أعلم.
وقوله: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾.
فيه أقوال متقاربة:
١ - عن ابن عباس: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، فزاد طعامَ مسكين آخر، ﴿فَهُوَ خَيْرٌ لَهُ﴾).
٢ - عن مجاهد: ﴿فَمَنْ تَطَوَّعَ خَيْرًا﴾، قال: من أطعم المسكين صاعًا).
٣ - قال السدي: (فإن أطعم مسكينين فهو خير له).
٤ - عن ابن طاووس، عن أبيه، قال: (إطعامُ مساكين عن كل يوم، فهو خير له).
٥ - قال ابن شهاب: (يريد أن من صام مع الفدية فهو خير له).
قلت: وكلها تفاسير يحتملها البيان الإلهي المعجز في كلامه ومفهومه.


الصفحة التالية
Icon