وقوله: ﴿وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ﴾.
يعني: الصيام خير من الإفطار والفدية التي كانت في أولى الإسلام. قال السدي: (ومن تكلف الصيام فصامه فهو خيرٌ له). وقال ابن شهاب: (أي: إن الصيام خير لكم من الفدية). وبنحوه قال مجاهد.
١٨٥. قوله تعالى: ﴿شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ هُدًى لِلنَّاسِ وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (١٨٥)﴾.
في هذه الآية: شهر رمضان شهر نزول القرآن كتاب الله العظيم، فيه الهدي والتشريع الكريم، فمن أدرك الشهر فليصمه ومن عذره السفر أو المرض فعدة من أيام أخر، وما جعل الله عليكم من حرج، فأكملوا العدة واشكروا الله العظيم.
قال ابن عباس: (أنزل القرآن في النصف من شهر رمضان إلى سماء الدنيا، فجعل في بيت العزّة، ثم أنزل على رسول الله - ﷺ - في عشرين سنة لجواب كلام الناس). وفي رواية عكرمة، عن ابن عباس، قال: (نَزَل القرآن في شهر رمضان في ليلة القدر، إلى هذه السماء الدنيا جملة واحدة، وكان الله يحدث لنبيّه ما يشاء، ولا يجيء المشركون بمثل يخاصمون به إلا جاءهم الله بجوابه، وذلك قوله: ﴿وَقَال الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْلَا نُزِّلَ عَلَيْهِ الْقُرْآنُ جُمْلَةً وَاحِدَةً كَذَلِكَ لِنُثَبِّتَ بِهِ فُؤَادَكَ وَرَتَّلْنَاهُ تَرْتِيلًا (٣٢) وَلَا يَأْتُونَكَ بِمَثَلٍ إِلَّا جِئْنَاكَ بِالْحَقِّ وَأَحْسَنَ تَفْسِيرًا﴾ [الفرقان: ٣٢، ٣٣].
وفي التنزيل: ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ﴾ [القدر: ١]:. ﴿إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةٍ مُبَارَكَةٍ إِنَّا كُنَّا مُنْذِرِينَ﴾ [الدخان: ٣].
قلت: والذي قاله ابن عباس ليس بالمرفوع إلى النبي - ﷺ -، فيبقى مفهوم النزول للقرآن في ليلة القدر في علم الله، فهو تعالى أعلم.
وقوله: ﴿هُدًى لِلنَّاسِ﴾.
يعني: رشادًا للناس إلى سبيل الحق ومنهج النجاة.


الصفحة التالية
Icon