وقوله: ﴿وَبَيِّنَاتٍ مِنَ الْهُدَى وَالْفُرْقَانِ﴾.
قال السدي: (فبينات من الحلال والحرام). والفرقان: الفصل بين الحق والباطل، والبينات: الواضحات. والهدى: حدود الله وفرائضه وحلاله وحرامه وتفاصيل شرعه الحكيم.
وقوله: ﴿فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ﴾.
فيه أقوال:
١ - عن ابن عباس: (هو إهلاله بالدار. يريد: إذا هلَّ وهو مقيم).
وقال: (فإذا شهده وهو مقيم فعليه الصوم، أقام أو سافر. وإن شهده وهو في سفر، فإن شاء صام وإن شاء أفطر).
٢ - قال أبو حنيفة وأصحابه: (من دخل عليه شهر رمضان وهو صحيح عاقل بالغ فعليه صومه).
٣ - عن عبيدة، قال: (من شهد أول رمضان فليصم آخره).
٤ - عن إبراهيم: (إذا أدركك رمضان فلا تسافر فيه، فإن صمت فيه يومًا أو اثنين ثم سافرت، فلا تفطر، صمه).
قلت: لا دليل على استحباب الإقامة في رمضان، فله أن يسافر بتجارة أو سياحة أو أمر يحتاجه، ومن ثمّ فإن الرخصة قائمة في حق المسافر للإفطار. ويبقى معنى الآية: من شهد إثبات رمضان وهو صحيح مقيم وجب عليه الصوم، وقد مضى القول أن هذه الآية نسخت الإباحة المتقدمة في الإفطار والفدية لمستطيع الصوم.
وقوله: ﴿وَمَنْ كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.
قال الحسن: (إذا لم يستطع المريضُ أن يصلي قائمًا أفطر. قال: إذا جهده الصوم).
وذهب الشافعي إلى أن ذلك كل مرض كان الأغلب من أمر صاحبه بالصوم الزيادة في علته زيادة غير محتملة.
قلت: فإن صام المريض صح صومه، ولكن يكره إذا كان يشق عليه ويزيد من مرضه، كما يكره هنا إعراضه عن الرخصة، وقد ثبت في الحديث: [إن الله تعالى يحبّ أن تؤتى رخصه كما يحب أن تؤتى عزائمه]. وفي رواية: [كما يكره أن تؤتى