أقوى لكم، فكانت رُخْصَةً، فمنّا من صام ومنا من أفطر، ثم نزلنا منزلًا آخر، فقال: إنكم مُصَبِّحو عَدُوِّكم، والفِطْرُ أقوى لكم، فأفطروا. وكانت عَزْمَةً، فأفطرنا، ثم قال: لقد رأيْتُنَا نصوم مع رسول الله - ﷺ - بعد ذلك، في السفر] (١).
وفي غير ظروف الجهاد والغزو، فإن للمفطر في السفر الأجر الأكبر إذا تولى العمل وخدمة أصحابه ومن خرج معه صائمًا.
ففي صحيح مسلم عن أنس قال: [كنا مع النبي - ﷺ - في السَّفر، فمنّا الصائم ومنا المفطر، قال: فنزلنا مَنْزِلًا في يوم حار، أكثَرُنا ظِلًا صاحبُ الكِساء، ومنا من يتقي الشمس بيده، قال: فسقط الصُّوَّامُ، وقام المفطرون، فضَربوا الأبنية وسَقَوا الرِّكاب، فقال رسول الله - ﷺ -: ذهب المفطرون اليوم بالأجر] (٢).
وقوله: ﴿فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ﴾.
لا يجب فيها التتابع، وهو قول الجمهور. ويشهد له قوله تعالى بعده: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾.
قال ابن عباس: (اليسر الإفطار في السفر، والعسر الصيام في السفر).
وقال مجاهد: (هو الإفطار في السفر، وجعل عدةً من أيام أخر).
وعن أبي حمزة قال: سألت ابن عباس عن الصوم في السفر؟ فقال: يسرٌ وعُسرٌ. فخذ بيسر الله). وقال قتادة: (فأريدوا لأنفسكم الذي أراد الله لكم).
وفي الصحيحين والمسند عن أنس عن مالك، عن رسول الله - ﷺ - قال: [يسِّروا ولا تُعَسِّروا، وسَكِّنُوا ولا تُنَفِّروا] (٣).
وفي الصحيحين أيضًا أن رسول الله - ﷺ - قال لمعاذ وأبي موسى حين بعثهما إلى اليمن: [بَشِّرا ولا تُنَفِّرَا، ويسّرا ولا تعسّرا، وتطاوعا ولا تختلفا] (٤).

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١١٢٠)، كتاب الصيام. باب أجر المفطر في السفر إذا تولى العمل.
(٢) حديث صحيح. رواه مسلم (١١١٩)، كتاب الصيام، الباب السابق.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦٩)، وأخرجه مسلم (١٧٣٤)، ورواه أحمد (٣/ ١٣١).
(٤) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٦١٢٤)، ومسلم (١٧٣٣)، وأخرجه أحمد (٤/ ٤١٧).


الصفحة التالية
Icon