فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ}، لأصحاب محمد - ﷺ -، أمروا بقتال الكفار).
وقال ابن عباس: (﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، يقول: لا تقتلوا النساء، ولا الصبيان، ولا الشيخ الكبير، ولا من ألقى السَّلَمَ وكفَّ يده. فإن فعلتم هذا فقد اعتديتم).
وكتب عمر بن عبد العزيز إلى عديِّ بن أرطأة: (إني وجدت في كتاب الله: ﴿وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ﴾، أي: لا تقاتل من لا يقاتلك، يعني: النساء والصبيان والرُّهبان).
فنهى الإسلام عن الاعتداء أثناء القتال بارتكاب المناهي: من المَثُلة، والغُلول، وقتل من لا يقاتل أو يتدخل كالنساء والصبيان والشيوخ والرهبان، وتحريق الأشجار وقتل الحيوان لغير مصلحة. وقد جاءت السنة الصحيحة بذلك في أحاديث، منها:
الحديث الأول: روى مسلم في صحيحه عن بريدة: أن رسول الله - ﷺ - كان يقول: [اغزوا في سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله، اغزوا ولا تَغُلّوا، ولا تَغْدِروا، ولا تُمَثِّلوا، ولا تقتلوا وليدًا] (١).
الحديث الثاني: أخرج البخاري ومسلم عن ابن عمر قال: [وُجِدت امرأة مقتولةٌ في بعض مغازي رسول الله - ﷺ -، فنهى رسولُ الله - ﷺ - عن قتل النساء والصبيان]. وفي رواية: [فأنْكرَ رسول الله - ﷺ - قتل النساء والصبيان] (٢).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد عن ابن عباس قال: [كان رسول الله - ﷺ - إذا بعث جيوشه قال: اخرجوا باسم الله، قاتلوا في سبيل الله من كفر بالله، لا تغدروا، ولا تَغُلّوا، ولا تمثلوا، ولا تقتلوا الوِلْدان، ولا أصحابَ الصوامع] (٣).
وقوله: ﴿وَاقْتُلُوهُمْ حَيْثُ ثَقِفْتُمُوهُمْ وَأَخْرِجُوهُمْ مِنْ حَيْثُ أَخْرَجُوكُمْ﴾.
أي: انبعثوا إلى قتالهم وإخراجهم كما انبعثوا إلى قتالكم وإخراجكم. ولا شك أن المهاجرين الأوائل هم أول من خوطب بهذه الآية في المدينة.

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١٧٣١)، وأحمد (٥/ ٣٥٢)، وأخرجه أبو داود (٢٦١٢)، والترمذي (١٤٠٨)، والنسائي في "الكبرى" (٨٥٨٦)، وابن ماجة (٢٨٥٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٣٠١٤)، (٣٠١٥)، كتاب الجهاد والسير.
(٣) حسن لشواهده. أخرجه أحمد في المسند (١/ ٣٠٠)، والبيهقي (٩/ ٩٥)، وأبو يعلى (٢٥٤٩).


الصفحة التالية
Icon