قال أبو وائل: (كانوا في الجاهلية يقولون: هب لنا غنمًا! هب لنا إبلًا).
وقال السدي: (كانت العرب إذا قضت مناسكها وأقامت بمنى، لا يذكر الله الرجل منهم، إنما يذكر أباه، ويسأل أن يعطى في الدنيا).
وقال مجاهد: (﴿فَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا﴾ نصرًا ورزقًا، ولا يسألون لآخرتهم شيئًا).
وقوله تعالى: ﴿وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾.
فيه أقوال متقاربة:
١ - قال قتادة: (في الدنيا عافية، وفي الآخرة عافية).
٢ - وقال الحسن: (الحسنة في الدنيا العلم والعبادة، وفي الآخرة الجنة). وقال: (الحسنة في الدنيا الفهم في كتاب الله والعلم).
٣ - قال سفيان الثوري: (الحسنة في الدنيا العلم والرزق الطيب، وفي الآخرة حسنة الجنة).
٤ - وقال السدي: (أما حسنة الدنيا فالمال، وأما حسنة الآخرة فالجنة).
قلت: ولا شك أن الحسنة في الدنيا تشمل كل أنواع الخير فيها، من العلم والعبادة والعافية وسعة الرزق والدار وهناءة العيش مع الزوجة والولد والأهل والأحباب والجيران، كما تشمل حسنة الآخرة الخلود في ألوان نعيم الجنة وملذاتها.
وقد حفلت السنة الصحيحة بآفاق هذا المعنى، في أحاديث:
الحديث الأول: يروي البخاري في صحيحه عن أنس بن مالك قال: [كان النبي - ﷺ - يقول: اللهم ربنا آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار] (١).
الحديث الثاني: روى مسلم عن قتادة أنه سأل أنسًا: أي دعوة كان أكثر ما يدعو بها النبي - ﷺ -؟ قال: يقول: [{رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٤٥٢٢)، وأخرجه مسلم برقم (٢٦٩٠)، وأخرجه أحمد في المسند (٣/ ٢٠٩).


الصفحة التالية
Icon