النَّارِ} وكان أنس إذا أراد أن يدعو بدعوة دعا بها] (١).
وأخرج ابن أبي حاتم عن عبد السلام بن شداد قال: (كنت عند أنس بن مالك، فقال له ثابت: إن إخوانك يحبّون أن تدعو لهم، فقال: اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار. وتحدثوا ساعة، حتى إذا أرادوا القيام قال: يا أبا حمزة (٢)، إن إخوانك يريدون القيام، فادعُ الله لهم، فقال: أتريدون أن أُشقِّقَ لكم الأمور إذا آتاكم الله في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، ووقاكم عذاب النار، فقد آتاكم الخير كلّه).
الحديث الثالث: أخرج الإمام أحمد عن أنس: [أن رسول الله - ﷺ - عادَ رجلًا من المسلمين قد صار مثل الفَرْخ، فقال له رسول الله - ﷺ -: هل تدعو الله بشيء أو تسأله إياه؟ قال: نعم، كنت أقول اللهم ما كنت معاقبي به في الآخرة فعجّله لي في الدنيا، فقال رسول الله - ﷺ -: سبحان الله! لا تطيقُه -أو لا تستطيعه- فهلا قلت: ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾ قال: فدعا، فشفاه الله] (٣).
وقوله تعالى: ﴿أُولَئِكَ لَهُمْ نَصِيبٌ مِمَّا كَسَبُوا وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ﴾.
المقصود أولئك الذين يقولون ما سبق ذكره بعد قضاء مناسكهم رغبة فيما عند الله، لهم نصيب وحظ من حجهم ومناسكهم، وثواب جزيل على أعمالهم، والله يحصي للفريقين ويجازي كلًا منهم بأسرع الحساب.
٢٠٣. قوله تعالى: ﴿وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَيْنِ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيْهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيْهِ تُحْشَرُونَ (٢٠٣)﴾.
في هذه الآية: يوجه تعالى عباده إلى ذكره بالتوحيد والتعظيم في أيام مُحصيات، وهي أيام التشريق: أيام رمي الجمار. فَيَأمر عباده بالتكبير في تلك الأيام وعند الرمي مع كل حصاة.

(١) حديث صحيح. رواه مسلم (٢٦٩٠)، ورواه أحمد (٣/ ٢٠٩)، ورواه أبو داود (١٥١٩).
(٢) أبو حمزة: كنية أنس بن مالك رضي الله عنه.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٦٨٨)، وأحمد (٣/ ١٠٧)، والترمذي (٣٤٨٧)، وغيرهم.


الصفحة التالية
Icon