بشرٍ فقالا: يا رسول الله! إن اليهود تقول: كذا وكذا. أفلا نجامِعُهُنَّ؟ فتغَيَّر وجْهُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- حتى ظنَنّا أن قد وَجَدَ عليهما، فخرجا فَاسْتَقْبَلَهُما هديةٌ من لبن إلى النبي -صلى الله عليه وسلم-. فأرسل في آثارهما، فَسقاهما، فعرفا أنْ لم يجد عليهما] (١).
فالاعتزال المقصود هو في الجماع. فال ابن عباس: (اعتزلوا نكاح فروجهن). وقال: (إذاجعلت الحائض على فرجها ثوبًا أو ما يكف الأذى، فلا بأس أن يباشر جلدُها زوجَها).
أخرج البخاري ومسلم عن ميمونة قالت: [كان رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يباشِرُ نساءَه فوق الإزار، وهُنَّ حُيَّضٌ] (٢).
وفي صحيح مسلم عن عائشة قالت: [كانت إحدانا، إذا كانت حائضًا، أمَرَها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فتأتَزِرُ بإزارٍ، ثم يباشرها] (٣).
وفيه عنها قالت: [كنت أغسِلُ رأس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وأنا حائض] (٤).
وفي صحيح مسلم وسنن النسائي عنها قالت: [كنتُ أتعرّق العَرْق وأنا حائض، فأعطيه النبي -صلى الله عليه وسلم-، فيضع فمه في الموضع الذي وضعتُ فمي فيه، وأشرب الشراب فأناوله فيضع فمه في الموضع الذي كنت أشرب منه] (٥).
والعَرْق: العظم عليه بقايا من اللحم، وتعرّقه: إذا أكل باقي اللحم الذي عليه.
وروى أبو داود بسند جيد عن عائشة قالت: [كنت أنا ورسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- نبيتُ في الشعار الواحد وإني حائض طامِث، فإن أصابه مني شيء غسل مكانه لم يَعْدُه، وإن أصابه -يعني ثوبه- شيء غسل مكانه، لم يَعْدُه، وصلّى فيه] (٦).

(١) حديث صحيح. رواه مسلم (٣٠٢) كتاب الحيض، وأحمد (٣/ ١٣٢)، ورواه أصحاب السنن: رواه أبو داود (٢٥٨)، والترمذي (٢٩٧٧)، والنسائي في "التفسير" (٥٧)، وابن ماجة (٦٤٤).
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٣٠٣)، ومسلم (٢٩٤) -واللفظ له- وأحمد (٦/ ٥٥).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (٢٩٣)، كتاب الحيض، باب مباشرة الحائض فوق الإزار.
(٤) حديث صحيح. انظر صحيح مسلم (٢٩٧)، والروايات بعده، كتاب الحيض، من حديث عائشة.
(٥) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٣٠٠)، وأبو داود في السنن (٢٥٩)، والنسائي (١/ ١٩٠)، وأحمد في المسند (٦/ ٦٢).
(٦) إسناده جيد. رواه أبو داود (٢٦٩)، وأحمد (٦/ ٤٤)، والنسائي (١/ ٣٧٢)، من حديث عائشة.


الصفحة التالية
Icon