وقوله: ﴿كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ﴾.
يعني: أحكام شرعه وحدوده وحلاله وحرامه ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾: أي: تفهمون وتتدبرون.
٢٤٣ - ٢٤٥. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ خَرَجُوا مِنْ دِيَارِهِمْ وَهُمْ أُلُوفٌ حَذَرَ الْمَوْتِ فَقَال لَهُمُ اللَّهُ مُوتُوا ثُمَّ أَحْيَاهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ (٢٤٣) وَقَاتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٢٤٤) مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (٢٤٥)﴾.
في هذه الآيات: قصة قوم أهل بلدة في زمان بني إسرائيل، استوخموا أرضهم لوباء نزل بهم فخرجوا فرارًا من الموت فنزلوا واديًا أفيح، فأرسل الله إليهم ملكين صاحا بهم فماتوا عن آخرهم ودفنوا وفنوا وتمزقوا، فلما كان بعد دهر مرّ بهم نبي من أنبياء بني إسرائيل يقال له: حزِقيل، فسأل الله أن يحييهم، فأحياهم بعد رقدتهم الطويلة ليكونوا عبرة لكل من أنكر المعاد والبعث يوم القيامة. ذكره المفسرون. وفي الآيات كذلك حث على الجهاد والصدقة.
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ لَذُو فَضْلٍ عَلَى النَّاسِ﴾.
أي: في إظهار آياته الباهرة وحججه الدامغة.
وقوله: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَشْكُرُونَ﴾.
أي: ما أنعم الله به عليهم من أمر دنياهم ودينهم.
وقيل خرجوا فرارًا من الجهاد. قال ابن عباس: (قوله: ﴿حَذَرَ الْمَوْتِ﴾، فرارًا من عدوهم، حتى ذاقوا الموت الذي فروا منه، فأمرهم فرجعوا، وأمرهم أن يقاتلوا في سبيل الله).
وسواء كان سبب خروجهم فرارًا من الجهاد أو الطاعون أو غيره، فإن الآية عبرة ودليل على أنه لا يغني حذر من قدر، وأنه لا ملجأ ومنجا من الله إلا إليه، فإن الهروب لا يطيل الحياة، وهؤلاء قوم عوملوا بنقيض قصدهم.