وفي التنزيل: ﴿الَّذِينَ قَالوا لِإِخْوَانِهِمْ وَقَعَدُوا لَوْ أَطَاعُونَا مَا قُتِلُوا قُلْ فَادْرَءُوا عَنْ أَنْفُسِكُمُ الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ﴾ [آل عمران: ١٦٨]. ﴿أَيْنَمَا تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ... ﴾ [النساء: ٧٨].
أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عباس: [أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه خرج إلى الشام حتى إذا كان بِسَرْغَ (١) لقيه أمراء الأجناد: أبو عبيدة بن الجراح وأصحابه، فأخبروه أن الوباء قد وقع بأرض الشام. قال ابن عباس: قال عمر: ادعُ لي المهاجرين الأولين فدعاهم فاستشارهم... فاختلفوا.. ثم قال: ادعُ لي الأنصار (٢)،... ثم قال: ادعُ لي من كان هاهنا من مشيخة قريش من مُهاجرة الفتح، فدعوتهم فلم يختلف منهم عليه رجلان، فقالوا: نرى أن ترجع بالناس ولا تُقْدِمَهم على هذا الوباء. فنادى عمر في الناس: إني مُصَبِّحٌ على ظهر فأصبحوا عليه، فقال أبو عبيدة بن الجراح: أفِرارًا من قدر الله؟ فقال عمر: لو غَيْرُكَ قالها يا أبا عبيدة؟ نَعَم نَفِرُّ من قدر الله إلى قدر الله. أرأيت لو كان لك إبل هَبَطَتْ واديًا له عُدْوتان، إحداهما خصيبةٌ والأخرى جَدْبة، أليس إن رَعَيْتَ الخَصْبَةَ رَعَيْتها بقدر الله، وإن رعيت الجدبة رعيتها بقدر الله؟ قال: فجاء عبد الرحمن بن عوف وكان مُتَغَيِّبًا في بعض حاجته، فقال: إنّ عندي في هذا عِلْمًا، سمعت وسول الله - ﷺ - يقول: إذا سمعتم به بأرض فلا تَقْدموا عليه، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه. قال: فحمدَ اللهَ عمرُ ثم انصرف] (٣).
وفي لفظ: أن عبد الرحمن بن عوف أخبر عمر - وهو في الشام - عن النبي - ﷺ -: [إن هذا السُّقْمَ عُذِّبَ به الأمم قبلكم، فإذ سمعتم به في أرض فلا تدخلوها، وإذا وقع بأرض وأنتم بها فلا تخرجوا فرارًا منه. قال: فرجع عمر من الشام] (٤).
وجاء في ترجمة أمير الجيوش، ومقدم العساكر وحامي حوزة الإسلام، وسيف الله المسلول على أعدائه: أبي سليمان خالد بن الوليد رضي الله عنه، أنه قال - وهو في
(٢) فدعاهم فسلكوا سبيل المهاجرين واختلفوا أيضًا.
(٣) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٥٧٢٩)، كتاب الطب، ورواه مسلم برقم (٢٢١٩)، ورواه أحمد في المسند (١/ ١٩٤).
(٤) حديث صحيح. انظر صحيح البخاري -حديث رقم- (٥٧٣٠)، (٦٩٧٣)، ومسلم (٢٢١٩)، ومسند أحمد (١/ ١٩٣). من حديث عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه.