قال: والله ما ينبغي لأحد أن يقولَ ما لا يَعْلَمُ، فَسَأُحَدِّثُكَ لم ذاكَ، رأيتُ رؤيا على عَهْد النبي - ﷺ - فقصصتها عليه، ورأيت كأني في رَوْضَة -ذَكَرَ من سَعَتِها وخُضْرَتِها- وَسْطها عمودٌ من حديد أسفلُهُ في الأرض وأعلاه في السماء، في أعلاه عُرْوةٌ، فقيل لي: ارْقَ، فقلتُ: لا أستطيع، فأتاني مِنْصَفٌ - قال ابن عون: هو الوصيف. يعني: الخادم - فرفع ثيابي من خلفي، فَرَقِيتُ حتى كنتُ في أعلاها، فأخذت بالعروةِ، فقيل لي: استمسكْ، فاستيقظتُ وإنها لفي يدي، فَقَصَصْتُها على النبي - ﷺ - فقال: تلك الرَّوضة الإسلام، وذلك العمود عمود الإسلام، وتلك العروة الوثقى فأنت على الإسلام حتى تموت. وذلك الرجل عبد الله بن سلام] (١).
ورواه أحمد من طريق خَرَشَةَ بن الحُرّ قال: [قدمت المدينة فجلست إلى مَشيَخَةٍ في مسجد النبي - ﷺ -، فجاء شيخٌ يتوكأ على عصا له، فقال القوم: من سَرّه أن ينظر إلى رجل من أهل الجنة، فلينظر إلى هذا. فقام خلف سارية فصلى ركعتين، فقمت إليه فقلت له: قال بعض القوم: كذا وكذا. فقال: الجنة لله يُدْخِلها من يشاء، وإني رأيت على عهد رسول الله - ﷺ - رؤيا، رأيت. كأن رجلًا أتاني فقال: انطلق. فذهبت معه، فسلك بي منهجًا عظيمًا، فعَرَضَتْ لي طريق عن يساري، فأردت أن أسلكها، فقال: إنك لست من أهلها، ثم عرضت لي طريق عن يميني، فسلكتها حتى انتهيت إلى جبل زلق، فأخذ بيدي فزجل بي فإذا أنا على ذروته، فلم أتقارّ ولم أتماسك، فإذا عمود حديد في ذروته حلقة من ذهب، فأخذ بيدي فزجل بي حتى أخذت بالعروة، فقال: استمسك، فقلت: نعم. فضرب العمود برجله، فاستمسكت بالعروة، فقصصتها على رسول الله - ﷺ -. فقال: رأيت خيرًا، أما المنهج العظيم فالمحشر، وأما الطريق التي عرضت عن يسارك فطريق أهل النار، ولست من أهلها، وأما الطريق التي عرضت عن يمينك فطريق أهل الجنة، وأما الجبل الزَّلَق فمنزل الشهداء، وأما العروة التي استمسكت بها فعروة الإسلام، فاستمسك بها حتى تموت. قال: فإنما أرجو أن أكون من أهل الجنة. قال: وإذا هو عبد الله بن سلام] (٢).
فائدة: وأما الحديث الذي رواه أحمد عن أنس: [أن رسول الله - ﷺ - قال لرجل:

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح (٣٨١٣)، (٧٠١٠)، وأخرجه مسلم (٢٤٨٤)، ورواه أحمد في المسند (٢٣٢٧٥) من حديث عبد الله بن سلام.
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد في المسند (٥/ ٤٥٣)، ورواه مسلم في الصحيح (٢٤٨٤).


الصفحة التالية
Icon