وفي الصحيحين عن ابن عباس قال: [قدم النبي - ﷺ - المدينة وهم يسلفون في الثمار السنة والسنتين والثلاث، فقال رسول الله - ﷺ -: من أَسْلَفَ فَلْيُسْلِف في كيل معلوم، ووزن معلوم، إلى أجلٍ معلوم] (١).
وقوله: ﴿فَاكْتُبُوهُ﴾.
أمر بالكتابة والتوثيق والحفظ.
قال ابن جريج: (من ادّان فليكتب، ومن ابتاع فَليُشهد). وقال الضحاك: (من باع إلى أجل مسمى، أُمر أن يكتب، صغيرًا كان أو كبيرًا إلى أجل مسمى).
وقوله: ﴿وَلْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كَاتِبٌ بِالْعَدْلِ﴾.
قال قتادة: (اتقى الله كاتب في كتابه، فلا يَدَعَنَّ منه حقًّا، ولا يزيدن فيه باطلًا).
وقوله: ﴿وَلَا يَأْبَ كَاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَمَا عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ﴾.
يعني: لا يمتنع من سئل الكتابة أن يكتب ما دام يعلم الكتابة، وليتصدق بذلك على غيره ممن لا يعرف الكتابة.
قال مجاهد: (واجب على الكاتب أن يكتب).
وفي سنن أبي داود بسند جيد عن عبد الله بن عمرو، عن النبي - ﷺ - قال: [من كتم عِلْمًا يعْلمُهُ أُلجم يوم القيامة بلجام من نار] (٢).
وقوله: ﴿وَلْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ﴾.
أي: ليتولّ المدين إملالَ كتاب ما عليه من دين ربّ المال على الكاتب. قال الربيع: (﴿وَلْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَلَا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئًا﴾، يقول: لا يظلم منه شيئًا). وقال ابن زيد: (لا ينقص من حق هذا الرجل شيئًا إذا أملى).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أبو داود في السنن (٣٦٥٨)، والترمذي في الجامع (٢٦٤٩)، وابن ماجة في السنن (٢٦١)، ورواه الحاكم (١/ ١٠٢).