عباس قال: [بينما رسول الله - ﷺ - وعنده جبريل إذ سمع نقيضًا فوقه، فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: "هذا باب قَدْ فُتِحَ من السماء، ما فُتح قط". قال: فنزل منه مَلَكٌ، فأتى النبي - ﷺ -، فقال: أبشر بنورين قد أوتيتهما، لم يؤتهما نبي قبلك: فاتحة الكتاب، وخواتيم سورة البقرة، لم تقرأ حرفًا منهما إلا أوتيته] (١).
فإلى تفصيل معاني هاتين الآيتين العظيمتين:
قوله: ﴿آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ﴾.
إخبار من الله سبحانه عن النبي - ﷺ - بذلك.
وقوله: ﴿وَالْمُؤْمِنُونَ﴾.
عطف على الرسول، فالجميع جاؤوا بأركان الإيمان، وبذلك أخبر عنهم سبحانه بقوله: ﴿كُلٌّ آمَنَ بِاللَّهِ وَمَلَائِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾. قال ابن زيد: ﴿لَا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ﴾، كما صنع القوم - يعني: بني إسرائيل - قالوا: فلان نبيّ، وفلان ليس نبيًّا، وفلان نؤمن به، وفلان لا نؤمن به).
وقوله: ﴿وَقَالوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا غُفْرَانَكَ رَبَّنَا وَإِلَيْكَ الْمَصِيرُ﴾.
أي: سمعنا قولك يا ربنا وفهمنا، وقمنا بمقتضاه من العمل فاغفر لنا وارحمنا وتجاوز عنا حين نلقاك.
وقوله: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾.
قال ابن عباس: (هم المؤمنون، وسَّعَ الله عليهم أمر دينهم، فقال الله جل ثناؤه: ﴿وَمَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ﴾، وقال: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلَا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾، وقال: ﴿فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ﴾).
وقال السدي: ﴿لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا وُسْعَهَا﴾، وسعها: طاقتها، وكان حديث النفس مما لم يطيقوا).
وقوله: ﴿لَهَا مَا كَسَبَتْ وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ﴾.
قال ابن عباس: (عمل اليد والرجل واللسان).