أحد تأويلي قوله تعالى: ﴿هَلْ تَعْلَمُ لَهُ سَمِيًّا﴾ [مريم: ٦٥]، أي من تَسَمَّى باسمه الذي هو ﴿اللَّهِ﴾. فالله اسم للموجود الحق الجامع لصفات الإلهيّة، المنعوت بنعوت الربوبية، المنفرد بالوجود الحقيقي، لا إله إلا هو سبحانه).
والرحمن الرحيم: اسمان مشتقان من الرحمة على وجه المبالغة، ورحمان أشد مبالغة من رحيم، قيل لعمومها في الدارين، وأما الرحيم فخاصة بالمؤمنين، كما قال سبحانه: ﴿وَكَانَ بِالْمُؤْمِنِينَ رَحِيمًا﴾ [الأحزاب: ٤٣]. وكما قال جل ذكره: ﴿وَاسْأَلْ مَنْ أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رُسُلِنَا أَجَعَلْنَا مِنْ دُونِ الرَّحْمَنِ آلِهَةً يُعْبَدُونَ﴾ [الزخرف: ٤٥].
وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالمِينَ﴾. ثناء من الله على نفسه، ويحبه من عَبْدِهِ. قال ابن عباس: (الحمدُ لله كلمة كل شاكر).
أخرج الطبراني في الكبير بإسناد حسن عن أبي أمامة عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [ما أنعم الله على عبدٍ نعمةً، فَحَمِدَ الله عليها، إلا كانَ ذلكَ الحمدُ أفضلَ من تلكَ النعمة] (١).
وله شاهد عند ابن ماجة بسند صحيح عن أنس قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [ما أنعم الله تعالى على عبدٍ نعمة فقال: الحمدُ لله، إلا كان الذي أعطى أفضلَ مما أخذ] (٢).
وفي مسند الإمام أحمد بسند حسن عن الحسن عن الأسود بن سريع قال: [قلت: يا رسول الله، ألا أنشدكَ محامدَ حَمدتُ بها ربي، تبارك وتعالى؟ فقال: أما إن ربك يحب الحمد] (٣).
وأما ﴿لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ﴾ فهي أفضل الذكر:
ففي جامع الترمذي وسنن ابن ماجة بإسناد حسن عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [أفضل الذكر: لا إله إلا الله، وأفضل الدعاء: الحمدُ لله] (٤).

(١) حديث حسن. أخرجه الطبراني في "المعجم الكبير" بسند حسن من حديث أبي أمامة. انظر صحيح الجامع الصغير -حديث رقم- (٥٤٣٨).
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن ماجة في السنن (٣٨٠٥) -كتاب الأدب- باب فضل الحامدين، وانظر: صحيح سنن ابن ماجة -حديث رقم- (٣٠٦٧).
(٣) حديث حسن. أخرجه النسائي في "الكبرى" (٧٧٤٥)، وأحمد (٣/ ٤٣٥)، ورجاله ثقات، وقد صرّحَ الحسن بالتحديث في "مراسيل ابن أبي حاتم" ص (٤٠).
(٤) حديث حسن. أخرجهُ الترمذي (٣٣٨٣)، وابن ماجة (٣٨٠٠)، والنسائي في "اليوم والليلة" (٨٣١)، وأخرجه ابن حبان (٨٤٦) بإسناد حسن، رجاله ثقات.


الصفحة التالية
Icon