٤ - ولا بآراء الرجال وأوضاعهم، ورسومهم وأفكارهم.
٥ - بالاستعانة على عبوديته به.
٦ - لا بنفس العبد وقوته وحوله ولا بغيره.
فهذه هي أجزاء ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فإذا ركبها الطبيب اللطيف، العالم بالمرض، واستعملها المريض، حصل بها الشفاء التام. وما نقص من الشفاء فهو لِفوْتِ جزء من أجزائها أو اثنين أو أكثر.
ثم إن العبد يعرض له مرضان عظيمان، إن لم يتداركهما العبد تراميا به إلى التلف ولا بد. وهما الرياء والكبر. فدواء الرياء بـ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ ودواء الكبر بـ ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾.
قال: وكثيرًا ما كنت أسمع شيخ الإسلام ابن تيمية -قدس الله روحه- يقول: ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ تدفع الرياء ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ تدفع الكبرياء.
فإذا عوفي من مرض الرياء بـ ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ﴾ ومن مرض الكبرياء والعجب بـ ﴿وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ ومن مرض الضلال والجهل بـ ﴿اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ﴾ عوفي من أمراضهِ وأسقامه، ورَفَلَ في أثواب العافية، وتمت عليه النعمة، وكان من المنعم عليهم ﴿غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ﴾ وهم أهل فساد القصد، الذين عرفوا الحق وعدلوا عنه و ﴿الضَّالِّينَ﴾ وهم أهل فساد العلم، الذين جهلوا الحق ولم يعرفوه.
وحقَّ لسورة تشتمل على هذين الشفاءين:
أن يُسْتَشْفى بها من كل مرض، ولهذا لما اشتملت على هذا الشفاء الذي هو أعظم الشفاءين، كان حصول الشفاء الأدنى بها أولى، | فلا شيء أشفى للقلوب التي عقلت عن الله كلامه، وفهمت عنه فهمًا خاصًّا، اختصها به، من معاني هذه السورة). |
قلت: فمن أقام منهج ﴿إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ﴾ فلا سبيل للجن بالدخول إليه، والحياة معهُ، أو مسه بشِرٍّ أو إيذاء، فإن مردة الجن لا تستطيع النفوذ