فمضى، فقلت: يركع بها، ثم افتتح النساء فقرأها ثم افتتح آل عمران فقرأها يقرأ مترسلًا، إذا مرَّ بآية فيها تسبيح سبح، وإذا مرّ بسؤال سأل، وإذا مرّ بتعوذ تعوذ، ثم ركع فجعل يقول: سبحان ربي العظيم، فكان ركوعه نحوًا من قيامه، ثم قال: سمع الله لمن حمده، ربنا لك الحمد. ثم قام قيامًا طويلًا قريبًا مما ركع ثم سجد فقال: سبحان ربي الأعلى، فكان سجوده قريبًا من قيامه] (١).
فضائلها وما ورد في ذكرها:
لقد ورد في فضل هذه السورة الكريمة أحاديث كثيرة:
الحديث الأول: يروي الإمام مسلم في صحيحه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: [لا تجعلوا بيوتكم مقابرَ. إن الشيطان يَنْفِرُ من البيت الذي يُقرَأُ فيه سورة البقرة] (٢). وفي رواية: [لا تجعلوا بيوتكم قبورًا، فإن البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة لا يدخله الشيطان].
وله شاهد رواه الحاكم والدارمي من حديث عبد الله بن مسعود رضي الله عنه موقوفًا ومرفوعًا، ولفظه: [إن لكل شيء سنامًا، وسنام القرآن سورة البقرة، وإن الشيطان إذا سمع سورة البقرة تقرأ خرج من البيت الذي يقرأ فيه سورة البقرة] وسنده صحيح (٣).
زاد الدارمي في رواية: (وإن لكل شيء لبابًا، وإن لباب القرآن المفصل).
قلت: ولعمرو الله كم يحتاج المسلمون اليوم إلى أن يتوقفوا عند هذا النص العظيم، الذي يخبرهم به الوحي الكريم، عن سبب طرد الشياطين من بيوتهم ومنعهم من دخولها، ألا وهو التزامهم بقراءة سورة البقرة وتدبرها والعمل على تعظيم أحكامها، إذ يقتضي مقامها إخراج المنكرات من البيوت وعدم النظر إلى العورات أو السهر عليها، فإذا فعلوا ذلك أبطل الله سحر السحرة وفتنة المودة الذين يهمون وينشطون حَيْث المخالفات الشرعية.
الحديث الثاني: يروي الشيخان واللفظ للإمام البخاري عن أبي سعيد الخدري، أنّ أُسَيد بن حُضير قال: [بينما هو يقرأ من الليل سورة البقرة، وفرسه مربوطة عندَه، إذْ
(٢) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٧٨٠)، وانظر سنن الترمذي (٢٨٧٧).
(٣) حديث صحيح. انظر سنن الدارمي (٢/ ٤٤٨)، وما بعده من الزيادة موقوف على ابن مسعود.