﴿بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ﴾
١ - ٥. قوله تعالى: ﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (٣) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (٤) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (٥)﴾.
في هذه الآيات: انتصار من الله تعالى لكتابه الكريم، فهو القرآن العظيم، والمصحف المبين، الذي يتحدى بإعجازه الثقلين، فهو الكتاب الأوحد في هذا الكون الذي سَلِمَ مِنَ الرَّيب والعيب، وكل كتاب دونه يتقدم مؤلفه بالاعتذار إن حصل فيه تقصير، أو مجانبة للصواب في البيان والتفسير، وأما هذا القرآن فقد أعلن الله تعالى في أوله متحديًا فصحاء الجن والإنس وجميع الخلق أنه الكتاب الكامل، والمنهاج الشامل، والنور التام للمتقين، الذين يتميزون بإيمانهم بالغيب المتضمن بين دفتي هذا المصحف الشريف، وفي هدي نبيّهم الطاهر العفيف، خير الخلق صلوات الله عليه وعلى جميع الأنبياء والمرسلين. ثم إنهم يقيمون الصلاة المفروضة، ويؤدون الزكاة المكتوبة، على أكمل الوجوه وأتم المراتب، ويؤمنون بالكتب المنزلة من الله على رسله، كما يؤمنون بالكتاب المنزل على رسولهم محمد -صلى الله عليه وسلم-، ويؤمنون بيوم الدين، يوم يقوم الناس فيه لرب العالمين، فهم أهل الهدى وأهل الفلاح في الدنيا والآخرة.
فإلى تفصيل ذلك:
قوله تعالى: ﴿الم﴾. إنّ هذه الحروف المقطعة في أوائل السور قد ردَّ كثير من أهل العلم تفسيرها إلى الله سبحانه، وأنها مما استأثر الله تعالى بعلمه، حكاه القرطبي عن بعض أهل العلم، وأن ذلك مروي عن بعض الصحابة رضوان الله عليهم، كأبي بكر