﴿الم (١) ذَلِكَ الْكِتَابُ لَا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ (٢) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ﴾ إلي قوله: ﴿الْمُفْلِحُونَ﴾].
وأخرج الإمام أحمد بسند حسن عن ابن مُحَيْريز قال: [قلت لأبي جُمعة: حدثنا حديثًا سمعته من رسول الله -صلى الله عليه وسلم-. قال: نعم. أحدثك حديثًا جيدًا: تَغَدَّينا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعنا أبو عبيدة بن الجَرَّاح، فقال: يا رسول الله، هل أحد خيرٌ منا؟ أسلمنا معك وجاهدنا معك. قال: نعم، قوم من بعدكم يؤمنون بي ولم يروني] (١).
وفي رواية عند ابن مَرْدَويه أوردها الحافظ ابن كثير من طريق أبي جمعة الأنصاري قال: [كنا مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ومعنا معاذ بن جبل عاشر عشرة. فقلنا يا رسول الله؟ هل من قوم أعظم منا أجرًا؟ آمنا بالله واتبعناك، قال: "ما يمنعكم من ذلك ورسول الله بين أظهركم يأتيكم بالوحي من السماء، بل قوم من بعدكم يأتيهم كتاب من بين لوحين يؤمنون به ويعملون بما فيه، أولئك أعظم منكم أجرًا"، مرتين].
قلت: وهذان الأثران يصلحان شاهدين لما ثبت بإسناد أقوى عند ابن نصر في السنة وعند أبي نعيم في الحلية:
فقد أخرج ابن نصر في السنة بإسناد صحيح -رجاله ثقات- عن عتبة بن غزوان أخي بني مازن بن صعصعة وكان من الصحابة أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: [إن من ورائكم أيامَ الصبر، للمتمسك فيهن يومئذ بما أنتم عليه أجر خمسين منكم. قالوا: يا نبي الله أو منهم؟ قال: بل منكم] (٢).
وأخرج أبو نعيم في الحلية بإسناد حسن في الشواهد عن أنس رضي الله عنه أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال لأصحابه ذات يوم: [أنتم اليوم على بينة من ربكم تأمرون بالمعروف وتنهون عن المنكر وتجاهدون في سبيل الله، ثم تظهر فيكم السكرتان: سكرة الجهل وسكرة حب العيش وستحولون عن ذلك فلا تأمرون بمعروف ولا تنهون عن منكر ولا تجاهدون
(٢) حديث صحيح. أخرجه ابن نصر في "السنة" (ص ٩)، وله شاهد عند الترمذي في السنن (٢/ ١٧٧)، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة -حديث رقم- (٤٩٤).