في سبيل الله، القائمون يومئذ بالكتاب والسنة لهم أجر خمسين صديقًا. قالوا: يا رسول الله: منا أو منهم؟ قال: لا بل منكم] (١).
وفي هذه النصوص العظيمة بشائر لكل مؤمن يواجه الباطل ويتصدى لأهل الضلالة والبغي ودعاة الكفر في الأرض، ويحمل الحق بأمانة ويقوم بمقتضاه، أن يكرمه الله بأجر خمسين من خير هذه الأمة أصحاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وهذا السبق هو في الأجر لا في الفضل، فالصحابة رضوان الله عليهم لهم من المنزلة والمكانة ما لا يبلغها أحد دونهم.
فقد أخرج الإمام أحمد عن أنس، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: [دعوا لي أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أنفقتم مثل أحد ذهبًا ما بلغتم أعمالهم] (٢).
والخلاصة: لقد كان الإيمان بالغيب من أكبر صفات المؤمنين الأوائل، أصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وسيكون هذا الإيمان أصعبا وأشق على المؤمنين الذين سيأتون من بعدهم، ممن لم ير النبي -صلى الله عليه وسلم- ولا المعجزات التي أكرمه الله بها، الأمر الذي رتب الله سبحانه عليه فضلًا كبيرًا في الأجر وسبقًا لا مثيل له.
وقوله: ﴿وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ - فيه تفاسير:
١ - قال ابن عباس: (أي يقيمون الصلاة بفروضها).
٢ - قال الضحاك: (إقامة الصلاة إتمام الركوع والسجود والتلاوة والخشوع والإقبال عليها فيها).
٣ - قال قتادة: (إقامة الصلاة المحافظة على مواقيتها ووضوئها وركوعها وسجودها).
٤ - وقال العلامة القاسمي رحمه الله: (ولهذا لم يأمر بالصلاة ولم يمدح بها إلا بلفظ الإقامة نحو ﴿أَقِمِ الصَّلَاةَ﴾ وقوله: ﴿وَالْمُقِيمِينَ الصَّلَاةَ﴾ و ﴿الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ﴾ ولم يقل المصلي إلا في المنافقين {فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (٤) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ

(١) أخرجه أبو نعيم في "حلية الأولياء" (٨/ ٤٩)، وإسناده حسن في الشواهد. انظر رسالة: "درء الارتياب عن حديث ما أنا عليه اليوم والأصحاب" -سليم الهلالي- ص (١٦).
(٢) حديث صحيح. أخرجه أحمد (٣/ ٢٦٦)، وله شاهد أخرجه البزار (ص ٢٧٤ - زوائد ابن حجر)، وإسناد أحمد صحيح على شرط البخاري، وانظر سلسلة الأحاديث الصحيحة (١٩٢٣).


الصفحة التالية
Icon