والمعنى الراجح لهذه الآية: اتقوا الله الذي تساءلون به، واتقوا الأرحام أن تقطعوها. أخرج ابن عساكر بسند حسن عن عبد الله بن مسعود عن النبي - ﷺ - قال: [اتقوا الله، وصلوا أرحامكم] (١).
ورواه الطبراني عن جابر وزاد: [فإنه ليس من ثواب أسرع من صلة الرحم].
ورواه ابن جرير عن قتادة وزاد: [فإنه أبقى لكم في الدنيا، وخير لكم في الآخرة].
وأخرج الطبراني بسند صحيح عن أبي بكرة قال: قال رسول الله - ﷺ -: [ما من ذنب أجدر أن يعجل الله تعالى لصاحبه العقوبة في الدنيا مع ما يدخره له في الآخرة، من قطيعة الرحم والخيانة والكذب، وإن أعجل الطاعة ثوابًا لصلة الرحم، حتى إن أهل البيت ليكونوا فجرة، فتنمو أموالهم، ويكثر عددهم إذا تواصلوا] (٢).
وقوله: ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾. قال مجاهد: (حفيظًا). وقال ابن زيد: (رقيبًا: على أعمالكم، يعلمها ويعرفها). وفي التنزيل: ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ﴾.
وفي حديث الإمام مسلم عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه وسؤال جبريل للنبي - ﷺ -: أخبرني عن الإحسان؟ قال: [أن تعبد الله كأنك تراه، فإن لم تكن تراه فإنه يراك] (٣).
قال ابن القيم رحمه الله: (المراقبة هي دوام علم العبد وتيقنه باطلاع الحق سبحانه وتعالى على ظاهره وباطنه. قال: وسمعت شيخ الإسلام ابن تيمية يقول: إذا لم تجد للعمل حلاوة في قلبك وانشراحًا فاتهمه، فإن الرب تعالى شكور. يعني أنه لابد أن يثيب العامل على عمله في الدنيا من حلاوة يجدها في قلبه وقوة انشراح وقرة عين، فحيث لم يجد ذلك فعمله مدخول) (٤).

(١) حديث حسن. أخرجه ابن عساكر (١٦/ ٧٤/ ٢)، وانظر السلسلة الصحيحة (٨٦٩) وله شواهد، وهو يصلح تفسيرًا مباشرًا لهذه الآية - آية النساء (١).
(٢) حديث صحيح. وأخرجه ابن حبان (٢٠٣٨)، وبنحوه عند أبي داود (٢/ ٣٠١)، وأحمد (٥/ ٣٦)، وابن ماجة (٢/ ٥٥٢)، وانظر السلسلة الصحيحة (٩١٧).
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم (١/ ٣٠)، وانظر مختصر صحيح مسلم (٢) من حديث أبي هريرة بلفظ مشابه، ورواه ابن ماجة بلفظ مقارب، وهو جزء من حديث طويل.
(٤) انظر كتابي: أصل الدين والإيمان - عند الصحابة والتابعين لهم بإحسان (١/ ٢٨٠).


الصفحة التالية
Icon