وقيل: (علامة المراقبة إيثار ما أنزل الله، وتعظيم ما عظم الله، وتصغير ما صغر الله).
وقيل: (من راقب الله في خواطره عصمه في حركات جوارحه).
وقيل: (المراقبة خلوص السر والعلانية لله عز وجل).
وفي جامع الترمذي عن عبد الله بن عباس، قال: [كنت خلف النبي - ﷺ - يومًا فقال: يا غلام إني أعَلِّمُكَ كلمات: احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجدْهُ تُجاهك، إذا سألت فاسأل الله وإذا استعنت فاستعن بالله،.. ] الحديث (١).
والخلاصة: فالمراقبة حالة في القلب المؤمن بأسماء الله وصفاته، تحمله على تعظيم أوامره وحرماته واجتناب معاصيه ومسخطاته، وإيثار رضاه على هوى نفسه وشهواته، وخوفٌ سببه يقينه باطلاعه سبحانه على تصرفاته، يدفعه إلى سياسة عمله بالعلم الذي يوصل إلى مرضاته.
ومن هنا قول بعض الصالحين: (إنه لتمر بي أوقات أقول فيها: إن كان أهل الجنة في مثل هذا إنهم لفي عيش طيب).
وقول أبي حفص لأبي عثمان النيسابوري: (إذا جلست للناس فكن واعظًا لقلبك ونفسك، ولا يغرنك اجتماعهم عليك فإنهم يراقبون ظاهرك واللِّه يراقب باطنك).
قلت: وهذه الآية قد كان النبي - ﷺ - يقرؤها في خطبة الحاجة أو خطبة النكاح. ففي صحيح مسلم من حديث المنذر بن جرير، عن أبيه قال: [كنا عند رسول الله - ﷺ - في صدْرِ النّهار، فجاءه قومٌ حفاةٌ عُراةٌ مجتابي النِّمار (٢) أو العَباء، متقلدي السيوف. عامّتُهم من مُضَرَ، بل كُلُّهُمْ من مُضَرَ، فتَمَعَّرَ وجه رسول الله - ﷺ - لِمَا رأى بهم من الفاقَةِ، فدخل ثم خرج، فأمَرَ بلالًا فأذّن وأقام، فصلّى ثم خطب فقال:
﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ | ﴾ إلى آخر الآية ﴿إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾، .. ] الحديث (٣). ثم حضّهم على الصدقة. |
(٢) أي خارقي أوساطها.
(٣) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (١٠١٧)، كتاب الزكاة، في الحث على الصدقة.