٢ - ٤. قوله تعالن: ﴿وَآتُوا الْيَتَامَى أَمْوَالهُمْ وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا (٢) وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا (٣) وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا (٤)﴾.
في هذه الآيات: أمر من الله بدفع الأموال المستحقة للأيتام إذا بلغوا الرشد، وتحذير من الاستهتار بها أو ضمها أو التلاعب بها، وترهيب من الوقوع في ظلم اليتامى من النساء بنكاحهن دون القسط في مهورهن، فإن الله أباح غيرهن مثنى وثلاث ورباع، وَرَغَّبَ في الاكتفاء بواحدة خشية الظلم، وأمَرَ بدفع المهور للزجات فما سامَحْنَ به فكلوه هنيئًا مريئًا.
فقوله: ﴿وَلَا تَتَبَدَّلُوا الْخَبِيثَ بِالطَّيِّبِ﴾. قال مجاهد: (الحلال بالحرام). وقال إبراهيم: (لا تعط زيفًا وتأخذ جيدا]. وقال الضحاك: (لا تعط فاسدًا، وتأخذ جيدًا].
وقد جاء تفسير آخر عن مجاهد: (لا تعجِّل بالرزق الحرام قبل أن يأتيك الحلال الذي قدِّر لك). والأول أرجح واختاره ابن جرير. فالمعنى: لا تستبدلوا أموالهم الحرامَ عليكم بأموالكم الحلال لكم. فقد كان أوصياء اليتامى يأخذون الجيِّد من ماله ويجعلون مكانه لليتيم الرديء والخسيس.
وقوله: ﴿وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهُمْ إِلَى أَمْوَالِكُمْ﴾. قال مجاهد: (لا تأكلوا أموالكم وأموالهم، تخلطوها فتأكلوها جميعًا). يعني لا تخلطوا أموالهم بأموالكم فتأكلوها مع أموالكم.
وقوله: ﴿إِنَّهُ كَانَ حُوبًا كَبِيرًا﴾. قال ابن عباس: (إثمًا عظيمًا). وقال قتادة: (ظلمًا كبيرًا). يعني خلط أموال اليتامى مع أموال الأوصياء إثم كبير.
وقوله: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾.
أخرج البخاري ومسلم عن عائشة رضي الله عنها: [أن رجلًا كانت له يتيمة فنكحها وكان لها عِذْقٌ، وكان يمسكها عليه، ولم يكن لها من نفسه شيء، فنزلت فيه: {وَإِنْ


الصفحة التالية
Icon