خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى} - أحسبه - شك من هشام بن يوسف - قال: كانت شريكته في ذلك العذق وفي ماله] (١).
وفي صحيح البخاري عن عروة بن الزبير، أنه سأل عائشة: عن قول الله تعالى: ﴿وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتَامَى﴾، قالت: [يا ابن أختي، هذه اليتيمة تكون في حِجْر وليِّها، تَشْرَكُه في ماله ويعجبه مالها وجمالها، فيريد وَليّها أن يتزوّجها بغير أن يُقْسِطَ في صَدَاقها، فيعطيها مثل ما يعطيها غيره، فنُهُوا أن ينكحوهُنَّ إلَّا أن يُقْسِطوا إليهن، ويبلُغوا بهنَّ أعلى سُنَّتِهنَّ في الصداق، وأمِروا أن ينكحوا ما طاب لهم من النساء سواهُنّ. قال عروة: قالت عائشة: وإن الناس استفتوا رسول الله - ﷺ - بعد هذه الآية، فأنزل الله: ﴿وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّسَاءِ﴾ [النساء: ١٢٧]. قال عائشة: وقول الله في الآية الأخرى: ﴿وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ﴾ [النساء: ١٢٧] رغبة أحدكم عن يتيمته حين تكون قليلة المال والجمال، فنُهُوا أن ينكحُوا مَنْ رغبوا في ماله وجماله من يتامى النساء إلا بالقسط، من أجل رغبتهم عنهن إذا كُنَّ قليلات المال والجمال] (٢).
وقوله: ﴿مَثْنَى وَثُلَاثَ وَرُبَاعَ﴾. أي: انكحوا ما شئتم من النساء سواهن ولا تقعوا في الظلم، ولكم أن ينكح أحدكم إن شاء ثنتين وإن شاء ثلاثًا وإن شاء أربعًا.
أخرج البيهقي بسند حسن عن ابن عمر: [أن غيلان بن سلمة كان عنده عشر نسوة فأسلم وأسلَمْنَ معه ما فأمره النبي - ﷺ - أن يختار منهن أربعًا] (٣).
قال الشافعي: (وقد دلّت سنة رسول الله - ﷺ - المبيِّنَة عن الله أنه لا يجوز لأحد غير رسول الله - ﷺ - أن يجمع بين أكثر من أربع نسوة).
وقوله: ﴿فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ﴾. قال ابن كثير: (أي: فإن خشيتم من تعداد النساء أن لا تعدلوا بينهن، كما قال تعالى: ﴿وَلَنْ تَسْتَطِيعُوا أَنْ تَعْدِلُوا بَيْنَ النِّسَاءِ وَلَوْ حَرَصْتُمْ﴾ [النساء: ١٢٩]، فمن خاف من ذلك فليقتصر على واحدة، أو
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٤٥٧٤)، وأخرجه مسلم (٣٠١٨)، والنسائي في "التفسير" (١١٠). من حديث عروة بن الزبير عن خالته عائشة رضي الله عنها.
(٣) حديث حسن. أخرجه البيهقي (٧/ ١٨٣)، ورجال إسناده ثقات. وأخرجه الدارقطني (٣/ ٢٧١)، وله شواهد، عند النسائي وأحمد وابن حبان.