على الجواري السراري، فإنه لا يجب قَسْمٌ بينهن، ولكن يُستحب، فمن فعل فحسن، ومن لا فلا حَرَج).
وقوله: ﴿ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا﴾. قال مجاهد: (يقول: لا تميلوا). وقال الحسن: (العَوْل الميل في النساء). والمعنى: ألا تجوروا وتظلموا.
وقوله: ﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾. قال ابن عباس: (يعني بـ "النحلة"، المهر). وقال ابن جريج: (﴿وَآتُوا النِّسَاءَ صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً﴾: فريضة مسماة).
والمعنى كما قال ابن جرير: (وأعطوا النساء مهورهن عطيّة واجبة، وفريضة لازمة).
وقوله: ﴿فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا﴾. قال ابن زيد: (بعد أن توجبوه لهنّ وتُحلُّوه)، يعني المهر. والمقصود: إن وهب لكم - أيها الرجال - نساؤكم شيئًا من مهورهن بعد أن عُيِّنَ ذلك لهن، طيبة بذلك نفوسهن، ﴿فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا﴾. قال قتادة: (ما طابت به نفسًا في غير كَرْه أو هوان، فقد أحَلَّ الله لك ذلك أن تأكله هنيئًا مريئًا).
ومعنى ﴿هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ أي: دواء شافيًا. من: "هنأت البعير بالقطِران" إذا جَرِب فعُولج به. والعرب تقول: أمرأني الطعام أي: انهضم. وقوله: ﴿هَنِيئًا مَرِيئًا﴾ منصوب على الحال من الهاء في ﴿فَكُلُوهُ﴾.
٥ - ٦. قوله تعالى: ﴿وَلَا تُؤْتُوا السُّفَهَاءَ أَمْوَالكُمُ الَّتِي جَعَلَ اللَّهُ لَكُمْ قِيَامًا وَارْزُقُوهُمْ فِيهَا وَاكْسُوهُمْ وَقُولُوا لَهُمْ قَوْلًا مَعْرُوفًا (٥) وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا أَنْ يَكْبَرُوا وَمَنْ كَانَ غَنِيًّا فَلْيَسْتَعْفِفْ وَمَنْ كَانَ فَقِيرًا فَلْيَأْكُلْ بِالْمَعْرُوفِ فَإِذَا دَفَعْتُمْ إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ فَأَشْهِدُوا عَلَيْهِمْ وَكَفَى بِاللَّهِ حَسِيبًا (٦)﴾.
في هذه الآيات: نَهْيٌ من الله سبحانه عن تعريض الأموال للتلف والتصرف السيِّئ الهزيل بوضعها تحت تصرف السفهاء، وأمْرٌ باختبار اليتامى قبل دفع أموالهم إليهم عند من الرشد، وأنّ على ولي اليتيم الغني أن يستعفف، وللفقير أن يأكل بالمعروف، وأنه لابد من الإشهاد عند دفع الأموال إليهم لئلا يقع التجاحد يومًا ويدخل الشيطان.


الصفحة التالية
Icon