وقوله: ﴿وَابْتَلُوا الْيَتَامَى حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا فَادْفَعُوا إِلَيْهِمْ أَمْوَالهُمْ﴾. قال ابن زيد: (اختبروه في رأيه وفي عقله كيف هو. إذا عُرف أنه قد أُنِسَ منه رُشد، دفع إليه ماله. قال: وذلك بعد الاحتلام).
وقال ابن عباس: ﴿حَتَّى إِذَا بَلَغُوا النِّكَاحَ﴾، قال: عند الحلم).
وقال الحسن: ﴿فَإِنْ آنَسْتُمْ مِنْهُمْ رُشْدًا﴾ قال: رشدًا في الدين، وصلاحًا، وحفظًا للمال). وقال مجاهد: (العقل). وقال ابن جريج: (صلاحًا وعلمًا بما يصلحه).
والخلاصة: سن البلوغ يكون عند الحلم -كما ذهب الجمهور من العلماء- وبه ينتهي اليتم وسن الطفولة.
أخرج أبو داود بسند حسن عن علي قال: [حفظت من رسول الله - ﷺ -: لا يُتْمَ بعد احتلام، ولا صُمَاتَ يوم إلى الليل] (١).
ويعرف الحُلُم بالاحتلام - وهو أن يرى في منامه الماء الدافق الذي يكون منه الولد -، كما يعرف بالشعر الخشن ينبت حول الفَرْج، كما يعرف بسن الخامسة عشرة.
وفي ذلك أحاديث:
الحديث الأول: أخرج البخاري ومسلم عن عبد الله بن عمر قال: [عُرِضت على النبي - ﷺ - يوم أُحُد وأنا ابن أربع عشرة فلم يُجِزْني، وعُرضتُ عليه يومَ الخندق وأنا ابن خمس عشرة فأجازني] (٢).
قال عمر بن عبد العزيز - لما بلغه هذا الحديث -: (إن هذا الفرق بين الصغير والكبير).
وفي لفظ ابن ماجة: (هذا فصل ما بين الصغير والكبير).
الحديث الثاني: أخرج أبو داود والترمذي بسند حسن عن عَطِيَّة القُرَظيِّ قال: [عُرِضنا على النبي - ﷺ - يوم قُريظة، فأمر من ينظر من أنبت، فكَان من أنْبَتَ قُتِل، ومن
(٢) حديث صحيح. أخرجه البخاري (٢٦٦٤)، ومسلم (١٨٦٨)، وأبو داود (٤٤٠٦)، وغيرهم.