الثاني - قيل المراد بالآية: فليتقوا الله في مباشرة أموال اليتامى ولا يأكلوها إسرافًا وبدارًا أن يكبروا. حكاه ابن جرير عن العوفي عن ابن عباس.
والمقصود هنا أنه كما تحب لذريتك من بعدك، كذلك فعامل الناس في ذريتهم إذا وليتهم. وهذا تفسير حسن أيضًا، وخاصة أنه مؤيد بالآية التي بعده: قوله تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَال الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا﴾.
قال الجمهور: (إن المراد الأوصياء الذين يأكلون ما لم يبح لهم من مال اليتيم) ذكره القرطبي. وقال ابن زيد: (نزلت في الكفار الذين كانوا لا يورّثون النساء ولا الصغار).
وفي الصحيحين عن أبي هريرة: أن رسول الله - ﷺ - قال: [اجتنبوا السبع الموبقات. قيل: يا رسول الله، وما هُنَّ؟ قال: الشرك بالله، والسحر، وقتل النفس التي حرم الله إلا بالحق، وأكلُ الربا، وأكل مال اليتيم، والتولي يوم الزحف، وقذف المحصنات الغافلات المؤمنات] (١).
١١. قوله تعالى: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ فَإِنْ كُنَّ نِسَاءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثَا مَا تَرَكَ وَإِنْ كَانَتْ وَاحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَوَاهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ فَإِنْ كَانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا أَوْ دَيْنٍ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعًا فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلِيمًا حَكِيمًا (١١)﴾.
في هذه الآية: ذكرُ الله تعالى تفصيل القسمة الشرعية في المواريث، وذلك بعد أداء الديون عن الميت، فريضة من الله على عباده لا تجوز مخالفتها، والله هو العليم الحكيم.
أخرج البخاري في صحيحه عن جابر رضي الله عنه قال: [عادني النبي - ﷺ - وأبو بكر في بني سلمة ماشيين، فوجدني النبي - ﷺ - لا أعقل، فدعا بماء فتوضأ منه ثم رشَّ

(١) حديث صحيح. أخرجه البخاري في الصحيح -حديث رقم- (٢٧٦٦)، و (٥٧٦٤)، وأخرجه مسلم برقم (٨٩)، ورواه بعض أهل السنن.


الصفحة التالية
Icon