حَقٍّ وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ (٢٢)}.
في هذه الآيات: إن الكفرة الذين جمعوا إلى كفرهم بآيات الله قتل الأنبياء والعلماء والصالحين لهم عذاب أليم. فهم الذين أحبط الله أعمالهم في الدارين، وما لهم من أولياء ولا ناصرين.
يروي ابن جرير بسنده عن محمد بن جعفر بن الزبير قال: (ثم جمع أهل الكتابين جميعًا، وذكر ما أحدثوا وابتدعوا، من اليهود والنصارى، فقال: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِآيَاتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ حَقٍّ﴾ إلى قوله: ﴿قُلِ اللَّهُمَّ مَالِكَ الْمُلْكِ تُؤْتِي الْمُلْكَ مَنْ تَشَاءُ﴾).
فالآية ذمٌّ لأهل الكتاب فيما صدر منهم من اجتراح للمحارم وارتكاب للآثام، ومن أشد ذلك قتلهم النبيين بغير حق.
أخرج الإمام أحمد بسند جيد عن عبد الله، أن رسول الله - ﷺ - قال: [أشد الناس عذابًا يوم القيامة: رجل قتله نبي، أو قتل نبيًّا، وإمام ضلالة، وممثل من الممثلين] (١).
ورواه الطبراني في "المعجم الكبير" بلفظ: [أشد الناس عذابًا يومَ القيامة رجلٌ قتلَ نبيًّا أو قتله نبيٌّ، أو رجلٌ يضلُّ الناس بغير علم، أو مصور يصوّر التماثيل].
وقوله: ﴿وَيَقْتُلُونَ الَّذِينَ يَأْمُرُونَ بِالْقِسْطِ مِنَ النَّاسِ﴾. قال قتادة: (هؤلاء أهل الكتاب، كان أتباع الأنبياء ينهونهم ويذكِّرونهم، فيقتلونهم).
وهذا شأن الطغاة على مدار الزمان، يرون في رجال الحق مصدر قلق عليهم، وموضع ضرر على شهواتهم وكبرهم في الأرض، فيقتلونهم لئلا يكشف أمرهم وينفض الناس عنهم، وهذا هو غاية البغي والكبر والعلو في الأرض بالظلم.