أخرج الإمام مسلم في صحيحه عن عبد الله بن مسعود عن النبي - ﷺ - قال: [لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرّةٍ من كِبر. قال رجل: إن الرجل يحبُّ أن يكون ثوبُه حسنًا، ونَعْلُهُ حسنةً. قال: إن الله جميل يحب الجمال، الكِبْرُ: بَطَرُ الحقِّ وغَمْطُ الناس] (١).
وقوله تعالى: ﴿فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ (٢١) أُولَئِكَ الَّذِينَ حَبِطَتْ أَعْمَالهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ﴾.
فقابلهم الله بكبرهم وطغيانهم أن هيأ لهم عذابًا موجعًا بعد أن أحبط أعمالهم في الدنيا والآخرة، ولا سبيل لهم إلى النجاة من عذابه وعقابه.
٢٣ - ٢٥. قوله تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ يُدْعَوْنَ إِلَى كِتَابِ اللَّهِ لِيَحْكُمَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ يَتَوَلَّى فَرِيقٌ مِنْهُمْ وَهُمْ مُعْرِضُونَ (٢٣) ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ (٢٤) فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ وَوُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ (٢٥)﴾.
في هذه الآيات: فَضْحُ سبيل اليهود في كذبهم، وتأكيد عذاب النار الواقع بهم.
قال قتادة: (﴿أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيبًا مِنَ الْكِتَابِ﴾، الآية، قال: هم اليهود، دُعوا إلى كتاب الله وإلى نبيه، وهم يجدونه مكتوبًا عندهم، ثم يتولون وهم معرضون).
وقوله: ﴿ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ قَالوا لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّامًا مَعْدُودَاتٍ﴾. قال الربيع: (قالوا لن نعذب في النار إلا أربعين يومًا. قال: يعني اليهود. وقال: هي الأيام التي نصبوا فيها العجل). وقال قتادة: (قالوا: لن تمسنا النار إلا تحلة القسم التي نصبنا فيها العجل، ثم ينقطع القسم والعذاب عنا، قال الله عز وجل: ﴿وَغَرَّهُمْ فِي دِينِهِمْ مَا كَانُوا يَفْتَرُونَ﴾، أي قالوا: ﴿نَحْنُ أَبْنَاءُ اللَّهِ وَأَحِبَّاؤُهُ﴾).
وقوله: ﴿فَكَيْفَ إِذَا جَمَعْنَاهُمْ لِيَوْمٍ لَا رَيْبَ فِيهِ﴾ أي: كيف يكون حالهم وقد سقطوا

(١) حديث صحيح. أخرجه مسلم في الصحيح (٩١)، كتاب الإيمان، باب تحريم الكبر وبيانه.


الصفحة التالية
Icon