ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ (٢٨)}.
في هذه الآية: نهي من الله سبحانه المؤمنين أن يتخذوا أعوانًا لهم من الكافرين أو أنصارًا وظهورًا، ومن يفعل ذلك يبرأ من الله عز وجل.
قال ابن عباس: (نهى الله سبحانه المؤمنين أن يُلاطفوا الكفار أو يتخذوهم وليجة من دون المؤمنين، إلا أن يكون الكفارُ عليهم ظاهرين، فيظهرون لهم اللُّطف، ويخالفونهم في الدين. وذلك قوله: ﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾). قال: (التقاة التكلم باللسان، وقلبه مطمئن بالإيمان). وقال مجاهد: (إلا مصانعةً في الدنيا ومخالفة).
وقال أبو العالية: (التقيَّة باللسان وليس بالعمل). وقال عكرمة: (ما لم يُهرق دم مسلم، وما لم يستحل ماله).
قال البخاري: (قال الحسن: التقيَّةُ إلى يوم القيامة). وكذلك حكى البخاري عن أبي الدرداء، أنه قال: (إنا لَنكشرُ في وُجوه أقوام وقلوبنا تلعنهم).
وقال قتادة: (﴿إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً﴾، الرحم من المشركين، من غير أن يتولوهم في دينهم، إلا أن يصل رحمًا له في المشركين). وقال الحسن فيها: (صاحبهم في الدنيا معروفًا، الرحم وغيره. فأما في الدين فلا).
قلت: والأول أظهر، فالرحم يستثنى منه الوالدان بحسن الصحبة مع مخالفة الشرك إذا كانا عليه، والسياق يدل أكثر على المعنى الأول.
وقوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ﴾. أي: يخوفكم بطشه وغضبه إن واليتم الكفار.
وقوله: ﴿وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ﴾. أي لله مرجعكم ومصيركم إذا خرجتم من قبوركم للحساب.
٢٩ - ٣٠. قوله تعالى: {قُلْ إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ يَعْلَمْهُ اللَّهُ وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٩) يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ


الصفحة التالية
Icon