مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ (٣٠)}.
في هذه الآيات: إن الله يعلم السر من عباده وأخفى. ويكشف لكل امرئ يوم الحساب ما ترك لنفسه من العمل وأبقى، والله تعالى يحذر عباده مغبة مخالفة التقوى.
قال السدي: (أخبرهم أنه يعلم ما أسرّوا من ذلك وما أعلنوا، فقال: ﴿إِنْ تُخْفُوا مَا فِي صُدُورِكُمْ أَوْ تُبْدُوهُ﴾).
وقوله: ﴿وَيَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ﴾. أي: فكيف يخفى عليه موالاتكم لأعدائه أو ما أخفيتم في صدوركم لهم من الميل والمودة والمحبة، وهو يعلم السر في السماوات والأرض ولا يخفى عليه من ذلك شئ. ﴿وَاللَّهُ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ﴾: فلو شاء عاجلكم بالعقوبة على ما ظهر من موالاتكم لأعدائه الكافرين، فانتبهوا وانتهوا.
وقوله: ﴿يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا﴾. قال قتادة: (موفَّرًا).
وقوله: ﴿وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا﴾. قال الحسن: (يسر أحدَهم أن لا يلقى عمله ذاك أبدًا، يكون ذلك مُناه. وأما في الدنيا فقد كانت خطيئة يستلذّها).
وقوله: ﴿وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ﴾. قال الحسن: (من رأفته بهم أن حذّرهم نفسه).
٣١ - ٣٢. قوله تعالى: ﴿قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (٣١) قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ (٣٢)﴾.
في هذه الآيات: إن صدق محبة الله تعالى تعني اتباع نبيّه - ﷺ - واتخاذه أسوة، فذلك الذي يورث محبة الله عباده ومغفرة ذنوبهم. إن طاعة الله وطاعة رسوله فيهما النجاة كل النجاة، والكافرون لهم عذاب أليم.