عَلَى الْعَالمِينَ (٣٣) ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (٣٤)}.
في هذه الآيات: إخبار الله تعالى عن المصطفين الأخيار: آدم ونوح وآل إبراهيم وآل عمران في ذرية الأبرار.
قال قتادة: (ذكر الله أهل بيتين صالحين، ورجلين صالحين، ففضلهم على العالمين، فكان محمدٌ من آل إبراهيم). وقال الحسن: (فضلهم الله على العالمين بالنبوّة، على الناس كلهم، كانوا هم الأنبياء الأتقياء المصطفين لربهم).
وقوله: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾. يعني في الموالاة في الدين وتعظيم الحق.
قال قتادة: ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾، يقول: في النية والعمل والإخلاص والتوحيد له). وفي نصب "ذرية" وجهان أو أكثر، فهي إما منصوبة على الحال، أي في حال كون بعضهم من بعض، أي ذرية بعضها من ولد بعض. أو هي بدل، والتقدير: اصطفى ذرية بعضها من بعض. أو هي منصوبة على القطع، والتقدير: إن الله اصطفى آل إبراهيم وآل عمران ﴿ذُرِّيَّةً بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ﴾.
والمراد بعمران والد مريم بنت عمران، أم عيسى بن مريم عليه الصلاة والسلام. وقوله: ﴿وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ﴾. قال ابن جرير: (يعني بذلك: والله ذُو سمع لقول امرأة عمران، وذو علم بما تضمره في نفسها، إذ نذرت له ما في بطنها محررًا).
٣٥ - ٣٦. قوله تعالى: ﴿إِذْ قَالتِ امْرَأَتُ عِمْرَانَ رَبِّ إِنِّي نَذَرْتُ لَكَ مَا فِي بَطْنِي مُحَرَّرًا فَتَقَبَّلْ مِنِّي إِنَّكَ أَنْتَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ (٣٥) فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنْثَى وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالْأُنْثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ وَإِنِّي أُعِيذُهَا بِكَ وَذُرِّيَّتَهَا مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ (٣٦)﴾.
في هذه الآيات: لجوء أم مريم عليها السلام إلى الله تعالى بالدعاء، ليتقبَّل ما في بطنها خالصًا للعبادة وخدمة بيت المقدس، وليعيذ المولودة مريم وذريتها من الشيطان الرجيم.
وقوله: ﴿امْرَأَتُ عِمْرَانَ﴾. هي أم مريم عليها السلام، وهي حنَّةُ بنت فاقوذ جدّة عيسى عليه السلام. زوجها عمران. قال محمد بن إسحاق: (تزوج زكريا وعمران